اقترب اللواء المنشق سليم ادريس من أن يصبح قائداً بلا عسكر. «الأركان المشتركة للجيش الحر»، التي يقودها، فقدت رسمياً «الجبهة الاسلامية»، التي تشكّلت الشهر الماضي بعد اندماج عدد من الألوية الاسلامية الكبيرة فيها (أهمها «لواء التوحيد»، و«حركة أحرار الشام»، و«جيش الإسلام»). فيوم أمس، أعلنت «الجبهة الإسلامية» انسحابها من «هيئة الأركان العسكرية في الجيش السوري الحر»، حليفة الغرب، التي يرأسها ادريس. وقالت «الجبهة» إنّ «الانتساب إلى الأركان كان في وقت كانت فيه مؤسسة تنسيقية مشتركة ضد النظام، دون أن تكون تابعة لأي جهة سياسية كانت». وذلك في إشارة إلى تبعيتها لـ«الائتلاف».
وأتى هذا الإعلان بعد تسريب معلومات في الصحافة الغربية تتحدث عن تقارير استخبارية رفعها ادريس وأنصاره إلى أجهزة الامن والإدارة الأميركيتين، تتضمن معطيات عن التنظيمات التابعة لـ«القاعدة» في سوريا، كما أن بيان الجبهة صدر بعد أيام على نشر تصريحات منسوبة إلى ادريس، يبدي فيها استعداه لقتال المجموعات «القاعدية».
«الجبهة الإسلامية» التي تضع بيضها في السلة السعودية، والتي لا تزال تربطها علاقات مميزة بتركيا، سحبت البساط من تحت «الجيش الحر» الذي أضحى يبحث عن دور في الميدان وفي العلاقات الخارجية، عشية «جنيف 2». وبما أن «الجبهة» هي الإطار الرئيسي للمسلحين غير المنتمين إلى «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الشمال السوري تحديداً، بات «الحر»، عملياً، جيشاً بلا جنود. خلاصة هذا الجانب من الحدث المستجد تكمن في أن المعارضين الذين أعلنوا استعدادهم للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» ليس لهم أي تمثيل يُعتد به في الميدان السوري.
كذلك لا يمكن إغفال أن «الجبهة الإسلامية» تعرّضت لضغوط من رجال دين سلفيين في سوريا والجريزة العربية، طلبوا منها سحب ممثلي جميع مكوناتها من «الأركان المؤيدة للمجتمع الدولي»، أو «العميلة للغرب»، بحسب بعض النقاشات التي خرجت إلى العلن خلال الأيام الماضية، كما أن «الجبهة الإسلامية» باتت عاجزة عن تغطية موقف ادريس و«أركانه» المعادي لحليفتيها «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وخاصة أن «الجبهة» و«الدولة» تقاتلان على نحو دائم، في ريفي حمص ودمشق والشمال السوري إلى جانب بعض مكونات «الجبهة الإسلامية»، كـ«حركة أحرار الشام» التي تحمل منهجاً تكفيرياً.
وفي سياق متصل، كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية، مارتن ديمبسي، أنّ بلاده تسعى للتعرف على مجموعات مقاتلين إسلاميين في سوريا «كي تزيد فهمها لنواياها وصلاتها المحتملة مع تنظيم القاعدة».
لم يقل ديمبسي بطريقة مباشرة إنّ كانت بلاده تجري محادثات مباشرة مع جماعات معارضة اسلامية. وقال ديمبسي، في حديث لصحافيين نقلته وكالة «رويترز»: «أعتقد أنّ الأمر يستحق معرفة إن كانت هذه الجماعات لديها أي نية على الاطلاق للاعتدال وقبول المشاركة مع الآخرين، أم أنها من البداية تعتزم أن تكون راديكالية».
وأضاف: «لذلك أعتقد أن معرفة ذلك مهما كانت الطريقة التي نفعل بها الأمر تستحق الجهد».
كذلك، نقلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية عن مسؤولين، لم تكشف عن هوياتهم، أنّ «بريطانيا عقدت مع حلفائها الغربيين أول محادثات من نوعها وجهاً لوجه مع فصائل اسلامية تُقاتل في سوريا، بما في ذلك جماعات متشددة»، مشيرة إلى أنّ «الاجتماع انعقد في العاصمة التركية أنقرة، من جراء تنامي قلق التحالف الغربي من قوة الجهاديين وهيمنة الفصائل المرتبطة بتنظيم القاعدة».
وأضافت الصحيفة أن التحالف الغربي «يأمل قيام الجماعات الاسلامية غير المرتبطة بتنظيم القاعدة بتشكيل قضية مشتركة مع الجيش الحر العلماني والائتلاف الوطني المعارض رغم الخلافات الأيديولوجية العميقة بينها».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي مطّلع على المحادثات قوله إن «معظم الجماعات المتمردة في سوريا شاركت في المحادثات، وكان الهدف أن نفهم أين تقف الفصائل الإسلامية حيال ما يجري هناك».
بدورها، ردّت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، على تقارير عن إجراء أميركا وحلفائها محادثات مباشرة مع مقاتلين متشددين في سوريا، بالقول «نحن نتواصل مع عينة كبيرة من الشعب السوري والقادة السياسيين والعسكريين في المعارضة، بما في ذلك مجموعات إسلامية متنوعة»، موضحة «نحن لا نتواصل مع إرهابيين، أو مع مجموعات صنفت على أنها منظمات إرهابية». ورفضت هارف، في الوقت نفسه، «تسمية المجموعات التي تجري واشنطن محادثات معها».

طرد كامل للارهابيين

من جهة أخرى، أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن رغبته في أن يؤول مؤتمر «جنيف 2» إلى «انتخابات حرة وبلا شروط مسبقة» في البلاد. وأضاف روحاني، على هامش لقاء مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أنّ «من مسؤوليتنا المتبادلة الدفاع عن المثل العليا ومطالب الشعب السوري، ولا سيما أثناء مؤتمر جنيف». ورأى روحاني، كذلك، أنّ على المؤتمر «التشديد على طرد كامل للارهابيين».
إلى ذلك، اتفقت جامعة الدول العربية والصين، أمس، على ضرورة وقف إطلاق النار في سوريا لتهيئة الأجواء لإنجاح مؤتمر «جنيف 2»، بحسب المبعوث الصيني لعملية السلام في الشرق الأوسط، ووه سيكه.
وفي تصريحات عقب لقائه مع الأمين العام للجامعة نبيل العربي في القاهرة، قال ووه سيكه إنّ بلاده «تبذل جهوداً مع جميع الاطراف السورية حكومة ومعارضة والاطراف الاقليمية والدولية لتذليل العقبات التى تواجه عقد المؤتمر».
(الأخبار)