بدأت ليبيا منذ يوم أمس احتفالاتها بذكرى اندلاع انتفاضة 17 شباط 2011، أي قبل يومين من حلول المناسبة، في حين لا تزال حكومة طرابلس تكافح لفرض الأمن في ظل انفجار سيارة أحد قياديي الثورة السابقة في عاصمة الانتفاضة بنغازي (شرق) أمس من دون وقوع ضحايا. وقال رئيس الوزراء السابق مصطفى أبو شاقور باللهجة المحلية: «إحنا الليبيين ما زلنا محتاجين نرفع أيدينا مع بعضنا ونتكاتف ونستطيع أن نتغلب على هذه التحديات التي قاعدين كل يوم نخلقوا فيها (نصنعها).. حقيقة احنا يعني تعرقل في عمل المؤتمر.. تعرقل في عمل الحكومة.. تعرقل في تحقيق المؤسسات. يعني احنا لكي ننتقل إلى المرحلة اللي يكون فيها ازدهار فيجب أن نصبر ويجب أن نتحمل ويجب أن نقدر نعطي أكثر مما نسأل. الواجبات تيجي (تأتي) وتقدم قبل الحقوق وهذه الحقوق ستأتي».
واستعد الفنانون الشبان للاحتفال بالذكرى على طريقتهم، حيث زينوا العديد من جدران العاصمة طرابلس برسوم عن الثورة. وشهدت الأوضاع الأمنية في طرابلس تحسناً الأسبوع الماضي وأقامت الشرطة وميليشيات متحالفة مع وزارة الداخلية عدة نقاط للتفتيش على الطرق في أنحاء المدينة. وعبّر كثير من سكان العاصمة عن تفاؤلهم بالمستقبل، لكنهم اشتكوا من بطء وتيرة التقدم.
وقال مهندس يدعى ناصر نشنوش «البلاد تغيّرت نحو الأحسن وللأفضل. قبل ذلك كان نظام الفرد.. كنا الدولة متمثلة بشخص واحد. لكن الآن تنوعت وهذا التنوع طبيعي نتيجة اختلاف الناس والآراء والأفكار». لكن بعض الليبيين، وخصوصاً في شرق البلد، حثوا المواطنين على الخروج إلى الشوارع للاحتجاج على عدم قدرة الحكومة على توفير الأمن ونزع سلاح الميليشيات أو المضي قدماً نحو كتابة دستور للبلاد.
وأطلق عدد من الجماعات الليبية دعوات الى التظاهر من بنغازي (مهد الثورة) منذ 15 شباط، ومن بينهم مؤيدو الفيدرالية ومنظمات المجتمع المدني. ويطالب هؤلاء بـ«نفي مسؤولي النظام السابق واسقاط النظام» الجديد وحل الميليشيات المسلحة المسيطرة في البلاد منذ سقوط حكم القذافي.
وفي بنغازي، أفاد مصدر أمني وكالة «فرانس برس»، أن مجهولين القوا عبوة يدوية الصنع على سيارة القيادي السابق في جبهة ثوار ليبيا أيمن العراك، والتي كانت متوقفة امام منزله على بعضة أمتار من مركز شرطة في حي البركة.
واكد أن الانفجار لم يخلف ضحايا «لكن السيارة دُمّرت».
ولتأمين مناخات ملائمة لإحتفالات ذكرى الثورة، أعلنت الحكومة الليبية الثلاثاء الماضي عن اغلاق الحدد البرية مع تونس ومصر بين 14 و18 شباط وتعليق الرحلات الدولية في مطارات البلاد باستثناء مطاري بنغازي وطرابلس.
في هذا الوقت، قال المحلل السياسي، سليمان أزقيم، إن «الملف الأمني هو أحد التحديات التي تواجهها البلاد ولا سيما انتشار الأسلحة وفرار الاف السجناء» أثناء ثورة 2011. وأضاف ان «السلطات الجديدة وجدت نفسها على الفور أمام مطالب اجتماعية تحول دون تطبيق استراتيجيات اقتصادية او أمنية على المدى المتوسط أو الطويل».
وبالرغم من تنظيم الانتخابات الحرة الأولى في تاريخ البلاد في تموز 2012 اعتبر ازقيم ان البلاد «لا تزال غير ناضجة» على المستوى السياسي. ويعاني البرلمان المختلط الذي انبثق عن تلك الانتخابات من صعوبات في احراز تقدم في ملفات على غرار المصالحة الوطنية وتأسيس عدالة انتقالية وصياغة دستور لتحديد صورة المستقبل السياسي للبلاد.
ولتبرير بطء الاصلاحات تتحدث السلطات عن «إرث ثقيل» للقذافي يتمثل في بلاد بلا مؤسسات وتهميش الجيش والشرطة، فيما يُتّهم انصار النظام السابق بعرقلة العملية الديموقراطية في ليبيا.
(أ ف ب، رويترز)