«مبادرة» أحمد معاذ الخطيب تظلّل معظم التصريحات والبيانات حول الأزمة السورية. اللجنة التحضيرية للقمة الاسلامية، التي تباشر أعمالها اليوم في القاهرة، «استوحت» كلمات الخطيب لتضعها في بيانها الختامي. المجلس الوطني السوري فتح النار مجدّداً على رئيس الائتلاف، في وقت أعلن فيه كلّ من الأمين العام لجامعة الدول العربية وواشنطن دعمهما للخطيب. وطغى الملف السوري على مسودة مشروع البيان الختامي لقمة منظمة التعاون الإسلامي، المنعقدة في القاهرة، بالدعوة «إلى إفساح المجال أمام عملية انتقالية تمكّن أبناء الشعب السوري من تحقيق تطلعاته للإصلاح الديموقراطي والتغيير».
وأعرب مشروع البيان، الذي سيقدمه وزراء خارجية المنظمة للقمة على مستوى الرؤساء التي تنعقد اليوم وغداً، عن «أهمية إجراء حوار بين الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية وقوى المعارضة وبين القوى السورية المؤمنة بالتحوّل السياسي في سوريا من غير المشاركين بأعمال القمع»، كما شدّد «على ضرورة صون وحدة البلاد وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها».
وجدّد مشروع البيان «دعم الدول الإسلامية لحلّ سياسي للأزمة في سوريا ودعم مهمة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، والترحيب بتشكيل الائتلاف» السوري المعارض. وأدانت المسودة «المذابح التي ترتكبها السلطات السورية بحق المدنيين»، ووجهت دعوة لـ«الائتلاف السوري إلى الإسراع بتشكيل الحكومة الانتقالية التي تمثل كل أطراف وطوائف الشعب دون تمييز أو إقصاء».
بدوره، أكد وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، أنّ تطورات الأوضاع في سوريا أثبتت أن الموقف اللبناني كان سليماً، قائلاً، عقب اختتام الاجتماعات التحضيرية للقمة، «إنّ بلاده ترى أنّ الحل في سوريا لا يمكن أن يأتي عن طريق العنف، بل عبر الحوار السياسي بين مختلف الأطراف».
وانضمّ الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى جموع المرحّبين بمقترح رئيس «الائتلاف» معاذ الخطيب، داعياً «الحكومة السورية إلى التجاوب مع هذا المقترح». ولفت، في بيان، إلى أنّ «هذا المقترح يندرج في إطار ما جرى التوافق عليه في الإعلان الصادر عن مجموعة العمل الدولية الذي انعقد في جنيف في 30 حزيران الماضي»، مؤكداً «ضرورة الاستفادة من أيّ فرصة متاحة لكسر دائرة العنف، وحقن دماء الشعب السوري، ووضع هذه الأزمة المستعصية على مسار الحلّ السياسي المؤدي إلى الاتفاق على ترتيبات المرحلة الانتقالية».
وأعلن العربي «استعداد الجامعة العربية لتقديم كل الدعم والرعاية اللازمة لتسهيل انعقاد الحوار بين المعارضة وممثلين عن النظام السوري لمساعدة السوريين على الخروج من نفق هذه الأزمة، وتجنيب سوريا والمنطقة مخاطر تداعياتها المؤلمة».
في موازاة ذلك، كرّر المجلس الوطني السوري انتقاده للخطيب، بعدما «طفى» التوافق في اجتماع الائتلاف الأخير في القاهرة، ورأى المجلس، في بيان نشر على صفحته على موقع «فايسبوك»، أنّ «ما سمّي مبادرة الحوار مع النظام، إنما هو قرار فردي لم يتم اتخاذه ضمن مؤسسات الائتلاف»، وأنّ هذه المبادرة «تتناقض مع وثيقة تأسيس الائتلاف».
هجوم المجلس العنيف لم ينسحب على واشنطن، حيث رأت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، أنّه «إذا كان لدى النظام أدنى اهتمام بالسلام، يتعيّن عليه الجلوس والتحدث الآن مع الائتلاف السوري المعارض، وسندعم بقوة دعوة الخطيب». لكنها أضافت «لا أعتقد أنّ الخطيب من خلال ما قاله كان يفكر في أنّه يجب أن تكون هناك حصانة» للمسؤولين السوريين ولبشار الأسد.
في غضون ذلك، عقد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أمس، لقاءً مع نظيره الصيني تشاي جيون في مقر وزارة الخارجية الصينية في بكين. وعرض المقداد، وفقاً للوكالة السورية للأنباء (سانا)، على الجانب الصيني البرنامج السياسي لحلّ الأزمة في سوريا، والخطوات التنفيذية التي تقوم بها الحكومة السورية في هذا الإطار. من جهته، جدد الجانب الصيني تمسّكه بضرورة إيجاد حلول سلمية للأزمة في سوريا وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وبيان جنيف، وعدم السماح بالتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية.
في سياق آخر، أعربت موسكو عن استغرابها لتصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بشأن رفض روسيا الحوار مع المعارضة السورية في السابق. وأكد مصدر في الخارجية الروسية أنّ وصف فابيوس لقاء الوزير سيرغي لافروف ورئيس الائتلاف أحمد الخطيب في ميونيخ بأول لقاء مع المسؤولين الروس، غير صحيح. وأشار المصدر إلى عقد لقاء بين الخطيب وغيره من أعضاء المعارضة وبين المبعوث الخاص لوزير الخارجية الروسي للشرق الأوسط في 15 كانون الأول الماضي. وأعرب المصدر عن أمل موسكو بأن تحذو فرنسا وغيرها من الشركاء حذو روسيا في التعاون مع كافة الأطراف في سوريا، على أساس بيان جنيف.
ميدانياً، أعلن ناشطون معارضون و«لجان التنسيق المحلية»، أمس، أنّ «مجزرة» وقعت في بلدة خناصر بريف حلب، راح ضحيتها أكثر من 20 شخصاً، فيما دارت اشتباكات في أحياء بمدينة حلب، وتعرّض حيّا الحجر الأسود والعسالي جنوب دمشق للقصف، وسط اشتباكات على أطراف مخيم اليرموك وداريا وعقربا، بالتزامن مع توجه تعزيزات إلى داريا بريف دمشق.
من جهتها، قالت وكالة «سانا» إنّ «إرهابيين استهدفوا بقذائف الهاون الأحياء السكنية في شارعي النيل والموغامبو في حلب، حيث أدى ذلك إلى وقوع أضرار مادية كبيرة». وأفادت، أيضاً، أنّ «وحدة من القوات المسلحة أحبطت محاولة إرهابي انتحاري تفجير نفسه بسيارة مفخخة في أحد الأحياء السكنية بمنطقة خان الشيح، حيث قامت باستهداف السيارة المفخخة قبيل دخولها إلى المنطقة ما أدى إلى انفجارها ومقتل الإرهابي الانتحاري دون وقوع أي إصابات».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)