رغم أن التقدير السائد في أوساط هيئة أركان الجيش الإسرائيلي يستبعد حصول تصعيد واسع وفوري على الحدود الشمالية، يأتي رفع مستوى الاستعدادات تحسباً لحصول تطور ما غير متوقع، انطلاقاً من أن الرد على الغارة الجوية الإسرائيلية في سوريا، سيتحقق عاجلا أم آجلاً.
واكد المعلق السياسي في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، أنه بالرغم من أن إسرائيل لم تعترف رسمياً بالغارة الجوية، إلا أنها وجهت رسائل دبلوماسية لدول غربية وروسيا والصين، تحذر فيها من التصعيد الذي سيكون نتيجة مباشرة لأي محاولة نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله.
لكن ليمور عاد وأكد أن نقل الوسائل القتالية المتطورة، إلى حزب الله، سيتواصل. وبناء على فرضية أن إسرائيل ستكرر استهدافها، سيتعزز الضغط الداخلي في سوريا ولبنان للرد، الأمر الذي سيؤدي إلى إشعال الحدود الشمالية في أي لحظة.
ويرى ليمور، أن من المعقول الافتراض بأن القرار الإسرائيلي بالعمل يستند ايضاً إلى تقديرات بأن سوريا وحزب الله غير معنيين، في هذه المرحلة، بالتصعيد، كلٌ لأسبابه الخاصة به. في ما يتعلق بسوريا، تدرك أن ردها سيجر ردا إسرائيليا يقوم بما لم تنجح المعارضة السورية في القيام به، لجهة إسقاط الحكم. أما بالنسبة لحزب الله، فإن خشيته تعود إلى التسبب في حرب تمس بقدراته فضلا عن استحقاق الانتخابات البرلمانية في شهر حزيران المقبل.
رغم ما تقدم، عاد ليمور وأكد ايضاً ان من الصعب تقدير ما إن كانت سوريا وحزب الله سيتمكنان من ضبط نفسيهما بشكل تام، جراء الغارة الإسرائيلية، مذكراً بأن حزب الله سبق أن رد، على استهدافه أو استهداف احد رعاته، بطريقة مشابهة وفق قاعدة العين بالعين، وهدف عسكري في مقابل هدف عسكري.
ويرى ليمور أن حقيقة وجود 1000 طن من المواد الكيميائية، وآلاف صواريخ سكود والصواريخ المتطورة الأخرى والمتنوعة، «تطير النوم» من أعين إسرائيل التي تأمل أن تؤدي العملية الجوية مفعولها الردعي، وتُستغل لإيجاد حلول بديلة تمنع الحاجة إلى تكرار هذا العمل مرة أخرى، بدءاً بترتيب دولي وانتهاء بإرساء حكم بديل في سوريا يعمل بشكل أكثر عقلانية ويمنع استخدام أو انتشار الوسائل القتالية المتطورة. لكن ليمور يؤكد أن من الصعب العثور على طرف يُقدر بأن هذا ما سيتم تنفيذه في الواقع.
في الإطار نفسه، لفت المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت احرونوت»، اليكس فيشمان، إلى أن رئيس الأركان بني غانتس يرى أن العام 2013، «سنة تغييرات داخلية عميقة في لبنان قد تفضي إلى حرب أهلية و/أو مواجهة بين حزب الله وإسرائيل»، مشيراً إلى أن الشعور السائد في إسرائيل هو أن معادلة الردع المتبادل التي نشأت بعد حرب لبنان الثانية أخذت تتلاشى، وبالتالي يمكن أن نفترض بأن إسرائيل اليوم اقرب إلى مواجهة عسكرية في الجبهة الشمالية مما كانت عليه في أي وقت منذ العام 2006. وتنطلق هذه الفرضية من تقدير إسرائيلي حول إمكانية انهيار الوضع في سوريا وتداعيات ذلك على المنطقة، التي ستشمل عدم استقرار لبنان بما يؤدي إلى اشتعال الحدود الشمالية.
وفيما يلفت فيشمان إلى أن «الاستعداد العسكري والذهني للجيش يجعله يُرخي الحبل أكثر مما كان يفعل في الماضي»، يؤكد بأن «مسار تقديرات الوضع إزاء ما يحدث في سوريا.. مستمر منذ عدة شهور. والمعلومات التي تتدفق ترفع كثيرا من وقت لآخر درجات الحرارة في غرف المباحثات في جلسة الحكومة». إلى ذلك، ينقل فيشمان أن هناك توجهاً في إسرائيل يرى بأن «حزب الله يضعف بسبب انهيار الاسد ولهذا يجب أن ندعه يواجه الجهات الداخلية في لبنان ويتحطم هناك وألا نمنحه قوة وشرعية باعتباره «حامي لبنان» بواسطة هجوم إسرائيلي».
في المقابل، يوجد من يؤكد على ضرورة عدم خوض مواجهة عسكرية مع حزب الله بسبب تسلح حزب الله، ويُذكِّرون أن لدى حزب الله 60 ألف صاروخ وطائرات بدون طيار وطائرات مسلحة تهدد ارض إسرائيل كلها»، وعليه فإن مهاجمة هذه الاسلحة على الاراضي اللبنانية لا يخدم بالضرورة المصلحة الإسرائيلية.
إلى ذلك، رأى معلق الشؤون الأمنية في صحيفة معاريف، عمير ربابورت، ان إسرائيل تنطلق من فرضية بأن كل سلاح متطور موجود في سوريا سيصل عاجلا أو اجلا إلى حزب الله. وأن السؤال الأساسي الآن هو كيف سترد سوريا وحزب الله على الغارة الجوية، بعدما اعترفت سوريا علنا بها. والفرضية هي أن «نظام الأسد في وضع لا يسمح له بفتح جبهة فعلية في مواجهة إسرائيل. فيما وضع حزب الله أكثر تعقيداً من أي وقت مضى». رغم ذلك يؤكد ربابورت أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مستعدة من أجل الدخول إلى رأس (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصر الله، دفع موازنات عملاقة، خاصة وأنه «ساحر بالمسارات المفاجئة»، مضيفا أن مقولة حزب الله مردوع بفعل حرب العام 2006، سطحية وغير صحيحة ومؤكداً أن «حزب الله لا يخشى إسرائيل وان ما يهمه أكثر تعليمات رعاته في طهران».
وشدد ربابورت ايضا على أن نصر الله هو العدو الاكثر جدية لإسرائيل، وأن هجوما أو عدة هجمات ناجحة لن تمنعه من تحقيق حلمه بالتزود بأسلحة إستراتيجية.