القاهرة | 72 ساعة كانت كافية لخلق ارتباك في خريطة التحالفات الانتخابية للبرلمان المصري. انسحبت ثلاثة أحزاب من تحالف «الجبهة المصرية»، أحد الأضلاع المنافسة في الانتخابات المقبلة. في غضون ذلك، صادق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في خطوة متوقعة، على مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وهو أحد آخر العقبات قبل تحديد موعد الانتخابات البرلمانية. وينص القانون الذي أقرّه السيسي، أمس، على تقسيم مصر إلى 237 دائرة انتخابية تخصص للانتخاب بالنظام الفردي، كما تقسم إلى أربع دوائر للانتخاب بنظام القوائم.
وغادر كل من أحزاب «التجمع» و«المؤتمر» و«الغد»، أول من أمس، ائتلاف «الجبهة المصرية» اعتراضاً على إصرار «بعض أحزاب الجبهة على الانضمام إلى قائمة رئيس الوزراء الأسبق (في عهد المجلس العسكري) كمال الجنزوري»، وذلك لأنها «قائمة يعدها الجنزروي وهي غير واضحة الرؤية».
رغم ذلك، لا تزال الجبهة التي تشكلت في آب الماضي (من سبعة أحزاب إلى جانب اتحادي العمال والنقابات المهنية)، ثاني القوى البارزة، بعد تحالف «الوفد المصري»، فيما الأخير كان أول تحالف انتخابي يعلن عنه. أيضاً تضم «الجبهة» حزب «الحركة الوطنية» الذي انتخب رئيس وزراء مصر الأسبق (عهد حسني مبارك)، أحمد شفيق، رئيساً له أخيراً.
ومع انفراط العقد بانسحاب الأحزاب الثلاثة، يفتح «تحالف الوفد» أبوابه لانضمامها، لكن الأحزاب المنسحبة من المقرر أن تعلن خطوتها المقبلة في مؤتمر صحافي اليوم (الثلاثاء). ويتوقع أن تعلن الانضمام، أو التحالف، مع «الوفد المصري»، الذي يضم أحزاب «الوفد، والإصلاح والتنمية، والمحافظين، والمصري الديموقراطي، والوعي»، أو العمل معاً لتكوين تحالف جديد، كما تكشف مصادر لـ«الأخبار».
وأعلنت «الجبهة المصرية» في ختام اجتماعها، الأحد الماضي، حسم موقفها النهائي بالتنسيق مع كمال الجنزوري لتكون مهمته إعداد قائمة الجبهة في الانتخابات البرلمانية، وهو ما فجّر الأزمة، مع أن الرجل لم يؤكد، حتى اللحظة، أنه سيشارك في القائمة. وأكد المتحدث الرسمي باسم الجبهة، مصطفى بكري، أن القرار يأتي من منطلق «الحرص على وجود القوى الوطنية والمدنية في قائمة واحدة». وعلّق بكري على انسحاب الأحزاب الثلاثة بالقول، إن «الجبهة تتفهم قرار الأحزاب، وخاصة أن خلافها ليس مع الجبهة، بل على قائمة الجنزوري»، مشيراً إلى استمرار التنسيق «مع الجميع» على المقاعد الفردية.
في المقابل، يبدو أن «الجبهة» تراهن على زيادة أسهمها بعد انتخاب شفيق رئيساً لـ«الحركة الوطنية». ويقول القيادي في ائتلاف الجبهة والمرشح ضمن قوائمه، أحمد حسني، إنه حال ترشح شفيق للانتخابات المقبلة ضمن إحدى قوائمها، فإن «المعادلة الانتخابية ستتغير»، مشيراً إلى أن محامي شفيق يعمل على جميع الاتجاهات لإنهاء أزمة الرجل وضمان عودته من الإمارات. وأضاف حسني لـ«الأخبار» أن لقاءً سيجمع الجنزوري وممثلين عن «الجبهة المصرية» لتحديد مصير القائمة والاطلاع على عناصرها، لافتاً إلى أنه قد تحدث «أزمة في حال إقصاء الجنزوري أي مرشح من الخمسة والثلاثين الذين تقدمت بهم الجبهة، من أصل ١٢٠ مرشحاً سيمثلون القائمة».
مع ذلك، لم يكن رأي أحزاب «الجبهة» موحداً إزاء انسحاب «التجمع» و«المؤتمر» و«الغد»، إذ قال المقرر العام لائتلاف «الجبهة»، ياسر قورة، إن انسحاب الأحزاب الثلاثة لم يكن متوقعاً بعد عدولها عن قرارها السابق بالانسحاب، واستدرك: «لهم أن يختاروا ما يرونه مناسباً... علاقتنا بهم قوية وانسحابهم لن يهز الائتلاف».
في المقابل، قال رئيس «الغد» (أحد الأحزاب المنسحبة)، موسى مصطفى موسى، إن قرارهم سببه إخفاق المفاوضات مع الجنزوري بشأن القائمة الانتخابية. وكشف موسى لـ«الأخبار» أنه أبلغ المنسق العام لائتلاف الجبهة، علي مصيلحي، تغيُّبهم عن اجتماع المجلس الرئاسي الذي كان مخصصاً لتعديل قائمة مرشحي الجبهة، لكنه قال إن مرشحيهم سيكتفون بالتنسيق مع «الجبهة» على المقاعد الفردية.
على جانب تحالف «الوفد» الذي قد يستقبل الأحزاب المنسحبة، أكد الأمين العام لحزب «المحافظين» وعضو المجلس الرئاسي للتحالف، شريف حمودة، أن أسماء مرشحي القوائم الفردية ستعلن خلال أيام، «فيما سيكون إعلان مرشحي القائمة الانتخابية لتحالف الوفد قبل الأيام الأخيرة من بدء الانتخابات»، في إشارة إلى أن التفاوض على القائمة سيأخذ وقته. كذلك يعمل «الوفد» على ضم حزب «مستقبل وطن» الذي دشن مؤخراً برئاسة طالب جامعي ليكون ممثلاً للشباب في القائمة والفردي، فيما ظل حزب «المصريين الأحرار» خارج طروحات التنسيق مع التحالف، ولا سيما أنه قرر العمل منفرداً.
ورغم كل التغيرات السابقة، فإن جميع الأحزاب أقرّت بأنها لن تبني أي تحالف مع الأحزاب التي تمثل تيار الإسلام السياسي، وخاصة حزب «النور» السلفي، الذي تحفّظ على قانون تقسيم الدوائر الحالي، وجراء ذلك علّق موقفه بشأن الانتخابات المقبلة.