ورغم تشاؤم المصريين في شأن إمكانية إحداث اختراق جدي قبل بداية رمضان، إلا أن ثمة رهاناً لديهم على «الولايات المتحدة، ولا سيما بعد الاتصال الأخير بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، والذي تضمّن تشديد الأخير على «ضرورة ممارسة ضغوط واضحة ومحددة على الاحتلال للقبول بالهدنة». إلا أن ما لمسه السيسي في مهاتفة بايدن، أن «الموقف الأميركي لا يزال مهتزّاً ومتأثّراً بضغوط إسرائيل والادّعاءات باستحالة الهدنة وفق شروط المقاومة». وعلى خطٍّ مواز، تحاول مصر التأكد من الحصول على «ضوء أخضر» لتعزيز إرسال المساعدات الغذائية جواً، وإسقاطها على سكان شمال قطاع غزة، بحسب المسؤولين المصريين، الذين يؤكدون أن واشنطن تتفاعل إيجاباً مع هذا المطلب، بعد أن أبدت القاهرة موافقتها على تواجد أميركي وأوروبي خلال عملية تجهيز الطائرات، لتجاوز المراقبة الإسرائيلية لشحنات الإغاثة.
يرفض الإسرائيلي إرسال وفد مجدداً الى الدوحة قبل تسلّم لائحة بأسراه من «حماس»
في المقابل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين أميركيين قولهم: «إن قام نتنياهو بعرقلة صفقة التبادل لأسباب سياسية داخلية، فذلك سيؤدي إلى صدام مباشر مع البيت الأبيض، وإن هجوم بايدن على حكومة نتنياهو ليس إلا البداية». وأكد هؤلاء أن «حركة حماس تناور ولا تجعل حياتنا سهلة، لكن إسرائيل تفعل لنا الشيء ذاته»، و«إن وصلنا إلى استنتاج أن نتنياهو لا يتصرّف بحكمة ويخرّب الصفقة، فلا مفرّ من الصدام».
وفي سياق متصل، أفيد، مساء أمس، عن نية الوزير في حكومة حرب العدو، بني غانتس، السفر إلى واشنطن اليوم للقاء المسؤولين الأميركيين، وهو ما أثار اعتراض نتنياهو، بحسب صحيفة «معاريف». ولربما تؤشّر هذه الزيارة إلى مستوى جديد من الضغوط التي تعتزم واشنطن تسليطها على رئيس حكومة الاحتلال وحلفائه، من داخل «مجلس الحرب»، ومن جانب المنافس الأكبر لنتنياهو سياسياً.
ويأتي ذلك في ظلّ ضغوط داخلية متزايدة تواجهها إدارة بايدن، آخرها بيان لموظفين في الإدارة، قالوا فيه إن «الرئيس بعيدٌ تماماً عن حقيقة أن أغلب الأميركيين يدعمون وقف إطلاق النار». وبحسب شبكة «إن بي سي»، فإن مسؤولين في الإدارة «غاضبون من تعامل بايدن مع مقتل مدنيين بالرصاص في غزة الخميس». وعلى ضوء ذلك، خرج الرئيس، مساء أمس، بتصريحات أكد فيها أن «الولايات المتحدة ستنفّذ إنزالاً جوياً لمساعدات غذائية في غزة»، مشيراً إلى أن «تدفّق المساعدات إلى القطاع ليس كافياً». كما أكد سعي إدارته «للتوصّل إلى اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار للسماح بدخول المزيد من المساعدات». وفي وقت لاحق، أعلن «البيت الأبيض» مضاعفة جهود واشنطن «لفتح ممرّ بحري إنساني أمام كميات كبيرة من المساعدات»، ونية الولايات المتحدة «تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات بالتنسيق مع شركائنا، خاصّة الأردن، خلال أيام»، مستدركاً بأن «إنزال المساعدات جواً إلى غزة، ليس بديلاً من إيصالها عن طريق البرّ». وهذا المشروع، القديم - الجديد، أي الجسر البحري انطلاقاً من قبرص، كان مطروحاً منذ نحو شهرين، وجرى استبعاده نوعاً ما، وما يدفع إلى استعادته اليوم، هو الواقع المأساوي في شمال القطاع، والذي يبدو محرجاً جداً للغرب وعلى رأسه أميركا، وتعنّت إسرائيل وإخلافها بوعودها بإدخال المزيد من المساعدات، وانفضاح استخدامها ورقة التجويع والحصار أداة في التفاوض مع المقاومة.