صنعاء | عاد رئيس «المجلس الرئاسي» في اليمن، رشاد العليمي، أول من أمس، إلى عدن بحماية سعودية، بعدما كان قيْد الإقامة الجبرية في المملكة منذ أواخر آب الماضي. وعكست عودته منفرداً من دون نوّابه السبعة، الذين يشكّلون معاً «المجلس الرئاسي»، فشل الرياض في حلّ الخلافات المحتدمة في ما بينهم، والتي عطّلت جلسات «الرئاسي» وقيّدت مهامّ رئيسه، فيما أثارت ردود فعل في صفوف «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، إذ اعتبر نشطاؤه بقاء رئيسهم، عيدروس الزبيدي، رهْن «الاحتجاز»، محاولة ابتزاز جديدة تمارسها المملكة ضد «الانتقالي» وقيادته، على خلفية التصعيد الذي يقوده في محافظة حضرموت ضد الميليشيات الموالية للرياض. وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة، لـ«الأخبار»، إن الجانب السعودي سمح للعليمي بالعودة منفرداً لتغطية الفراغ السياسي في المحافظات الجنوبية، وتنفيذ التوجيهات السعودية في عدن ووادي حضرموت، من دون مضايقة نائبه الزبيدي، الذي تمكن خلال الفترة الماضية من عُمْر «الرئاسي» من فرْض نفوذه على المجلس وتوظيف معظم قراراته لمصلحة التيار الموالي للإمارات فيه. وأشارت المصادر نفسها إلى أن أجندتَي السعودية والإمارات تباينتا في محافظتَي شبوة وحضرموت النفطيتَين، لينعكس ذلك تالياً على «الرئاسي»، موضحةً أن الرياض التي عملت، خلال الأسابيع الماضية، على تحجيم نفوذ الفصائل الموالية لأبو ظبي في المحافظتَين المذكورتَين، تضغط، منذ أيام، على رئيس «الانتقالي» للموافقة على وقف التصعيد في وادي وصحراء حضرموت، بخاصة بعدما تمكن من حشد تظاهرة شارك فيها الآلاف في وسط مدينة سيئون، آخر معاقل الحكومة المعترف بها دولياً في المحافظات الجنوبية، مخالفاً بهذا تحذيرات سعودية سابقة.وفيما يطالب «الانتقالي» بطرد «المنطقة العسكرية الأولى» الموالية لحزب «الإصلاح» من وادي وصحراء حضرموت، وتسليم الملفّ العسكري هناك لقوات «النخبة الحضرمية» التابعة له، تنفيذاً لاتفاق الرياض، واجهت الأخيرة مطالبه بأخرى تقتضي تحجيم نفوذه العسكري والسياسي في مدينة عدن. وفي أعقاب اتهامه من جانب الصحافة السعودية بـ«تقويض سلطات المجلس الرئاسي» وإفشال مهامه، اشترطت المملكة، قبل أيام، أن يُقدِم «الانتقالي» على سحْب كافة الميليشيات التابعة له من عدن، وتسليم مقرّاته لقوات «الحماية الرئاسية» - التي لا يزال قائدها اللواء ناصر هادي، نجل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، معتقلاً مع أبيه منذ صبيحة الانقلاب السعودي عليه في مطلع نيسان الماضي -، وهو ما يعتبره «الانتقالي» خطاً أحمر بالنسبة إليه. على أن مراقبين يرون في مطالب الرياض هذه مجرّد مناورة لدفْع «الانتقالي» إلى القبول بوقف التصعيد في حضرموت، في مقابل السماح ببقائه في عدن.
وجاء سماح السلطات السعودية للعليمي بالعودة إلى عدن، بعد موجة انتقادات للإجراءات التي تعرّض لها أعضاء المجلس، وآخرها نقلهم من مقرّ الضيافة الملكية في فندق «الريتز كارلتون» في الرياض إلى شقق «ذواري» السكنية، ووضعهم تحت حراسة جهاز الاستخبارات الذي تولّى، خلال السنوات الماضية، مهمّة احتجاز هادي. وتزامنت هذه العودة، الأولى للعليمي منذ مغادرته عدن بشكل مفاجئ في منتصف آب الماضي، وتوجُّهه إلى الإمارات في زيارة غير رسمية، مع عودة القوات الإماراتية إلى المدينة أواخر الأسبوع الفائت. ووفقاً لمصادر محلية، فإن كتيبة إماراتية تسلّمت، السبت، مهمّة حماية قصر المعاشيق الرئاسي إلى جانب قوات سعودية رمزية. وبعد ساعات قليلة من ذلك، اقتحمت ميليشيات «الانتقالي» القصر حيث يتواجد رئيس الحكومة الموالية للرياض، معين عبد الملك، لتُفشِل فعالية كانت تقيمها الحكومة لمناسبة الذكرى الـ59 لثورة 14 أكتوبر.