القاهرة | شهدت مصر، خلال الأيام الماضية، احتجاجات في قطاعات مختلفة، يُواصل الإعلام المصري التكتّم عليها، فيما وجدت بعض تفاصيلها طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهر قيام النظام بالزجّ بالجيش والشرطة للسيطرة على الاحتجاجات، ولتجنّب مزيد من التصعيد. وبعد أيّام من حديث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن الإهمال في سكك الحديد، والذي يؤدّي إلى خسائر كبيرة سنوياً، ثارت عاصفة غضب في أوساط قطاعٍ من العاملين، الذين يُحمّلهم الرئيس مسؤولية الحوادث والمشاكل المختلفة التي تعانيها الهيئة نتيجة الأخطاء المتراكمة، إذ عمد هؤلاء، بشكل غير معلَن، إلى استغلال مشكلة سوء الأحوال الجوية، من أجل الإبطاء المتعمّد لسرعة القطارات، إلى درجة أن بعضها التي لا تتجاوز رحلتها 12 ساعة، باتت الرحلة عبرها تستغرق قرابة 40 ساعة. وكان هذا التمرّد بدأ منذ مطلع العام الجديد، مع إقرار تعديلات على نظام الإشارات، أظهر السائقون، نتيجة وجود اتفاق ضمني في ما بينهم، تشدّداً في الالتزام بها بدعوى الحفاظ على حياة الركّاب وتجنّب الحوادث، وهو ما أدى إلى إلغاء آلاف التذاكر، سواءً التي جرى بيعها واستردادها، أو المرتبطة بقطارات لم تتحرّك في موعدها نتيجة عدم جاهزيتها.هذه المرّة، يُواصل العمّال الضغط على هيئة سكك الحديد التي يتولّى رئاستها الفريق كامل الوزير، الذي خرج متأخّراً للحديث عن الأزمة، مبرّراً إياها بسوء الأحوال الجوّية، علماً أن الهيئة اضطرّت لإلغاء عشرات الرحلات خلال الأيام الماضية، في وقت سُجّل فيه نفاد مخزون الطعام والشراب في «البوفيهات» الخاصة ببعض القطارات، ما تسبّب بأزمة إنسانية لمئات المسافرين الذين يرافقهم أطفال، إثر تعذُّر حصولهم على احتياجاتهم الأساسية. وفيما اكتفت وزارة النقل، من جهتها، ببيان مقتضَب تبنّى رواية سوء الأحوال الجوية أيضاً، تمّ الدفْع بقوات من الجيش والشرطة إلى محطّات القطارات الرئيسة، في محاولة لإحباط أيّ تحرّكات شعبية، بعدما كادت محطّة القطارات الرئيسة في قلب القاهرة، «برمسيس»، تتحوّل إلى ساحة اشتباكات بين المسافرين الغاضبين والعاملين في الهيئة، بسبب الامتناع عن إعادة أموال المسافرين إليهم عقب إلغاء رحلاتهم.
تقارير أمنية تتحدّث عن جهات تسعى لاستغلال ذكرى 25 يناير لتحريك الشارع


كذلك، يشهد مبنى الإذاعة والتلفزيون، «ماسبيرو»، اضطرابات غير مسبوقة، وتظاهرات غضب هي الأكبر منذ سنوات، أدّت إلى الحيلولة دون ظهور بعض الضيوف على الشاشات وعبر أثير الراديو خلال الأيام الماضية، فيما كثّف الجيش من تواجده داخل المبنى، بهدف منْع أيّ محاولة للتأثير على برامج البثّ المباشر للقنوات الرسمية. وتتركّز مطالب المحتجّين على نظام التوقيع الجديد للعاملين في ما يتعلّق بالحضور والانصراف، بالإضافة إلى تأخّر صرف مستحقّات وحوافز مالية لعدّة سنوات بداعي عدم توافر سيولة مالية، وتأخّر صرف معاشات المحالين على التقاعد في الأعوام الثلاثة الماضية، علماً أن الفترة المقبلة ستشهد تقاعد آلاف العاملين. وتشترط القواعد الجديدة، التي انطلق تطبيقها مع بداية العام، حضور العاملين جميعاً 4 أيام على الأقلّ، مع 5 ساعات عمل بشكل كامل، ووفق نظام إلكتروني لا يقبل التلاعب، فضلاً عن إلغاء النظام الذي يتيح الحضور لأيام أقلّ بالنسبة إلى المذيعين ومقدّمي البرامج. وعلى خلفية تواصُل الاحتجاجات، اضطرّ رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، المسؤولة عن «ماسبيرو»، حسين زين، إلى بدء مناقشات حولها مع رؤساء القطاعات المختلفة. وعلى رغم اتّهامه العاملين المتجمهرين في البداية بأنهم أقلّية حاولوا استغلال الموقف وإثارة الجدل، إلّا أنه عاد وتراجع عن كلامه هذا، متعهّداً بالعمل على وضْع ضوابط عمل محدّدة، تحمي غالبية الموظفين. ومع وجود توجيهات بضرورة احتواء حالة الغضب قبل ذكرى «25 يناير» التي تقول تقارير أمنية رُفعت من جهات سيادية إن هناك مَن يسعى لاستغلالها لتحريك الشارع، يُتوقّع أن يتراجع زين عن جوانب كثيرة من نظامه الجديد، خلال الساعات المقبلة.