القاهرة | يخرج المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، عبر شاشات التلفاز في حوارت تلفزيونية أو ندوات تبثها القنوات، ليخسر من مؤيديه عقب كل مرة عدداً ليس بقليل. في المقابل، يكسب منافسه حمدين صباحي عدداً كبيراً من مقاطعي الانتخابات بعد كل حوار يجريه. لغة الجسد وطريقة الأداء الحواري، كان لهما التأثير الأكبر في جمهور كل من المرشحين، اللذين رفعا أسهم صباحي، وأثرا سلباً في أصوات السيسي، ولكن ليس بالدرجة التي تؤدي إلى خسارته.
في اللحظة ذاتها التي التقى فيها صباحي بأنصاره ممن يقيمون خارج البلاد عبر الفيديو كونفرنس، التقى السيسي بالطريقة نفسها أنصاره في محافظة أسيوط في صعيد مصر خلال المؤتمر الجماهيري الذي عقده بعض من أنصاره، وهو ما أثار مزيداً من الجدل حول أداء السيسي الذي ما زال يخشى التحرك خارج حدود القاهرة المؤمنة له.
المشير تحدث عن نفسه بنسبة أكبر في لقاءاته التلفزيونية، فجاء تكرار الأنا في المرتبة الاولى، بعدها مصر، بينما تكرار كلمة الجيش جاء في المرتبة الرابعة. واتسم حوار السيسي بالمراوغة تارة والدكتاتورية طوراً والتعالي تارة أخرى، وذلك طبقاً لتحليل أجرته جريدة «الوطن». الإدارة المضطربة في حملة السيسي، والتي اتسمت أيضاً بتعالي أعضاء بعضها في كثير من الأحيان، تسبّبت في إشكالية داخلية منذ أواخر الاسبوع الماضي لم تطف على السطح بعد القرار الذي اتخذته شركة «سي سي بلس» بإبعاد أحمد كامل، أحد المؤسسين في الشركة المسؤولة عن الدعاية الإعلامية والسياسية للسيسي، بعد التصريحات التي قالها لصحيفة «الحياة» اللندنية عن برنامج السيسي، والذي وصف طرحه بأنه مثير للجدل.
رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، رئيس أكبر وأقدم الأحزاب الليبرالية المؤيدة للسيسي، حلل في مؤتمر صحافي حضرته «الأخبار» حوارات السيسي من وجهة نظره، واصفاً إياها بإنها حوارات رجل دولة يمكن الاعتماد عليه في اتخاذ القرار السليم. ولكن البدوي عاد ليؤكد عدة مخاوف مشروعة، ومنها فكرة المستبد العادل التي كثر حولها الحديث من قبل بعض النخبة من أنصار السيسي، «وأقول له لا يوجد مستبد عادل، ولو وجدا معا لأمر المولى رسوله بأن يكون مستبداً عادلاً، ولكنه أمره بالشورى».
من جهته، عضو حملة صباحي، عمرو صلاح، يرى أن مرشحه يكسب كل يوم أصواتاً من المقاطعين بنسب كبيرة، وإن لم تكن ذاتها النسبة التي يستقطبها من مؤيدي منافسه، خلال أدائه في مختلف اللقاءات الجماهيرية أو التلفزيونية، مرجعاً ذلك إلى امتلاك صباحي برنامجاً واضحاً يشرحه للمواطن بكل بساطة.
ويشير صلاح، في تصريح خاص إلى «الأخبار»، إلى أن حملته تتابع من خلال لجانها في مختلف المحافظات نسب التصويت، وإن لم يكن بشكل رقمي أو بحثي مدقق، والتي تشير إلى أن الكثير من الكتلة العائمة (تلك التي لم تحدد موقفها بعد) تتجه نحو تأييد مرشحه، في الماراثون الانتخابي المزمع عقده يومي 26 و27 أيار الجاري.
أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية سعيد صادق، يرى أن الكتلة الانتخابية «العائمة» التي كانت تتجه ناحية التصويت للسيسي، أثّرت حواراته ولقاءاته فيها سلباً، ووجدت غالبية هذه الكتلة المبرر لمزيد من الإحباط، وللانضمام إلى صفوف المقاطعة.
ويوضح صادق في حديث إلى «الأخبار» أن «اتجاهات وأولويات المواطن هي التي تحسم خياراته في الأساس، فمن يضع الأمن والاقتصاد في مقدمة أولوياته ينتخب السيسي، ومن يضع فكر الثورة في مقدمة أولوياته ينتخب صباحي، فكتلته التصويتية الأكبر تؤيده وتنزل يوم الانتخابات لاختياره نكاية في السيسي وحسب». من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع أن كل مرشح يغازل كتلاً بعينها يرى أن له النصيب الأكبر في حصد أصواتها، فالسيسي يلعب على كل من السيدات، اللاتي يبلغ عدد من يحق لهن الانتخاب 27 مليون سيدة، والتي ستذهب معظمها له، والأقباط المتراوح عددهم من 4 إلى 5 ملايين قبطي يبحثون عن الأمن والأمان بعدما استشعروا فقدانه في فترة حكم الإخوان.
خطاب السيسي من وجهة نظر صادق استطاع أن يكسب من خلاله كتلته التي لعب عليها، ولا سيما عندما أكد مراراً وتكراراً محاربة الارهاب، واتزان خطابه جعل الدولة العميقة جميعها تؤيده برجال أعمالها الذين وجدوا فيه الرجل الأقدر على قيادة سفينة الوطن.