مقالات مرتبطة
-
انقلاب «النهضة»: اعتراف... فتنازل... فتصحيح أمينة الزياني
نجح سعيّد في تحويل معركته ضدّ «النهضة» من معركة صلاحيات إلى مستوى أعلى مرتبط بالسياسة الاستراتيجية
في المقابل، بدت الولايات المتحدة الأميركية، ومعها ما يُسمّى «المجتمع الدولي»، متقبّلَين للتغييرات التي أحدثها سعيّد، وهو ما من شأنه بعْث الارتياح لدى الرجل، وأيضاً لدى الدول العربية المُرحّبة بقراراته، وعلى رأسها بالطبع مصر والسعودية والإمارات. وبحسب المصادر، فإن تلك الدول، بخلاف اتهامات «حركة النهضة»، تحاول الاستثمار في الوضع التونسي الجديد، لكنها لم تكن هي صاحبة القرار والإرادة في تحقيقه. وتضيف أن سعيّد يحاول تنفيذ أجندة تونسية داخلية صرفة، بعيدة عن سياسة المحاور، وإنْ لاقت خطواته استحسان المحور المعادي لـ«الإخوان» في المنطقة العربية، والذي بدأ في محاولات فتح قنوات تواصل وتنسيق مع تونس. على المقلب الجزائري، يبدو أن ثمّة ارتياحاً لجانب ممّا شهده الجار التونسي، وإن ظلّ الحذر قائماً في جوانب أخرى. فالجزائر واقعة بين المغرب (من الغرب) التي يدير حكومتها الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» (إخوان) سعد الدين العثماني (من الغرب)، وبين تونس (من الشرق) التي تسيطر على مؤسّساتها «حركة النهضة»، فضلاً عن الوجود الفاعل والمؤثّر لتركيا و«الإخوان» في ليبيا. هذه المشهدية تعني، بالنسبة إلى المصادر نفسها، استكمال تطويق المغرب العربي وشمال أفريقيا بالكامل، وبالتالي إضعاف الجزائر بشكل خاص، بالحصار تارة، وأخرى بإثارة الملفّات الخلافية مع دول الجوار. وهو ما تضعه المصادر في سياق تعزيز الأتراك نفوذهم وسيطرتهم، حيث كانت تلك الدول «درّة تاج» السلطنة العثمانية في القرنَين السابع عشر والثامن عشر الميلادي.
توازياً مع ذلك، لا تنفصل زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى الرباط، الأولى من نوعها إلى المغرب منذ عام 2003، بعد تبنّي حكومة العثماني العام الماضي قراراً يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، عن وقوف «النهضة» في تونس ضدّ مشروع قانون تجريم التطبيع في البرلمان، واتّهامها من قِبَل أحزاب وتيّارات شعبية تونسية بأنها تعدّ العدّة للانقلاب على مسار العداوة لإسرائيل وإعادة النظر في مقاطعتها، وبالتالي إلحاق تونس بركب الدول المطبّعة. المسار «التطبيعي» المناقض للخطوات الجزائرية، التي كان آخرها مصادقة البرلمان الجزائري بداية العام الجاري على مشروع قانون يجرّم التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، ترى المصادر أنه أحد «الأسباب الموجبة الإضافية» للعمل الممنهج لضرب الجزائر. وتَعتبر أن الموقف المتوازن الذي أبداه الرئيس عبد المجيد تبون، حيال التطوّرات الأخيرة في تونس، قد يشهد تعديلاً أكبر لصالح الرئيس مقابل «النهضة»، وذلك في إطار «تحرّك جزائري» قد تحتّمه التطوّرات لملاقاة النموذج/ التجربة التونسية التي يخوضها سعيّد الآن، بعد اكتمال نضوجها.