لم يستجب رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، حتى الآن، للطلب الأردني لإمداده بالمياه من إسرائيل، بسبب الضائقة الشديدة التي تعانيها عمّان من نقص في المياه. وقالت صحيفة «هآرتس»، إن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، أوصوا نتنياهو بالموافقة على طلب الأردن للحصول على مياه إضافية.
ويتخوّف مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي من انعكاس الأزمة في العلاقات بين نتنياهو وملك الأردن عبدالله الثاني، على الوضع الأمني عند الحدود بين الجانبين، وفق ما أفاد المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هرئيل، أمس. إذ يتشارك كيان الاحتلال أطول حدود مع الأردن، تزيد عن 300 كلم، ضمنها المناطق التي تحتلّها إسرائيل في غور الأردن. وتُعدّ هذه أهدأ حدود لإسرائيل من الناحية الأمنية، مقارنة بحدودها مع لبنان وسوريا وقطاع غزة ومصر.

تصاعدت الأزمة بين الجانبين بعد تأخير رحلة نتنياهو إلى أبوظبي، وذلك بعدما ألغى ولي العهد الأردني زيارة للمسجد الأقصى، بعد تغيير إسرائيل الترتيبات الأمنية للزيارة، ورفضها زيارته للكنائس في القدس المحتلة. بعد إلغاء نتنياهو زيارته لأبوظبي، أوعز بإغلاق المجال الجوي الإسرائيلي أمام الطائرات المغادرة والقادمة إلى مطار عمّان، في خطوة مناقضة لاتفاقية السلام بين الجانبين.

ويعتبر نتنياهو، حسب وسائل إعلام إسرائيلية، أن الملك عبدالله تدخّل في الانتخابات الإسرائيلية عندما استقبل خصمه، وزير الأمن ورئيس حزب «كاحول لافان»، بيني غانتس، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.

وأشار هرئيل إلى أن «قسماً كبيراً من الجهات المهنية في جهاز الأمن الإسرائيلي يتحفّظون على الخط المتشدد الذي يمارسه نتنياهو تجاه عمّان، ويرون في الخطوات التي اتخذها، وبينها إغلاق المجال الجوي لرحلات جوية من الأردن لبضع ساعات، وعدم التجاوب مع طلب أردني بالحصول على لقاحات مضادة لكورونا، أنها خطوات انتقامية شخصية من جانب نتنياهو تجاه الملك عبدالله».

ونقل هرئيل عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن «سياسة الملك تسمح بالحفاظ على حدود إسرائيل الشرقية آمنة ومغلقة أمام تسلّل مخرّبين، وتساعد إسرائيل على منع تهريب الأسلحة. وتنتشر على طول الحدود ثلاث كتائب في الجيش الإسرائيلي، وغالباً هذه كتائب مشاة، تستند إلى جنود غير مؤهّلين، وانتشارهم عند الحدود يحرّر ألوية مشاة نظامية ونوعية أكثر (للتفرّغ) للتدريبات والعمل في جبهات أكثر تهديداً».

وأضاف هرئيل أن «الأردن ينشر على طول الحدود قوات بحجم أكبر بكثير من الجيش الإسرائيلي، وفيها عدة ألوية عسكرية. ويبذل الأردن جهداً كبيراً في منع التسلل إلى إسرائيل. وهذه المساعدة الأردنية تُعفي إسرائيل من استثمار موارد في ترميم السياج الحدودي، الذي لم يُرمّم منذ عشرات السنين، قياساً بمليارات الشواقل التي استُثمرت عند الحدود مع قطاع غزة ومصر وسوريا ولبنان».

وثمّة «مقرّبون من نتنياهو يتحدّثون، في هيئات مغلقة غالباً، باستخفاف تجاه الأردن، ويصفونه كدولة في حالة أفول، ومتعلقة بشكل متزايد بإسرائيل. لكن العلاقات مع مصر بالذات، ينبغي أن تشير إلى أنه من الأفضل لإسرائيل أن تحافظ على الأردن واستقراره»، وفق هرئيل.

وخلص إلى أن «ضعف العائلة المالكة في الأردن، قد ينعكس سلباً على إسرائيل وعلى الحدود الطويلة المستقرة بين الدولتين، بشكل يُلزم الجيش الإسرائيلي تخصيص موارد وقوات وانتباه أكثر» إلى هذه الحدود.

من جهته، لفت يوني بن مناحيم، محرّر الشؤون العربية في وسائل إعلام إسرائيلية، والضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية «أمان»، إلى أن «رفض نتنياهو للطلب الأردني، يتزامن مع توترات بين الجانبين، سواء بسبب الخلافات السياسية الداخلية الإسرائيلية، أو الاستفزازات التي يشهدها الحرم القدسي الشريف».
تصاعدت الأزمة بين الجانبين بعد تأخير رحلة نتنياهو إلى أبوظبي


ورأى، في مقال على موقع «ون نيوز»، أن «التوترات بين إسرائيل والأردن استؤنفت مجدداً، بعد الرفض الإسرائيلي طلباً أردنياً، للحصول على ثمانية ملايين متر مكعب إضافية من المياه من إسرائيل، بسبب نقص مياه الشرب الذي شهده الأردن هذا العام، بسبب انخفاض هطول الأمطار السنوي».

وأوضح بن مناحيم أنه «وفقاً لاتفاقية السلام التي تمّت بينهما في وادي عربة عام 1994، يحق للأردن طلب مياه إضافية من إسرائيل قدرها 35 مليون متر مكعب سنوياً، إضافة إلى المياه المخزّنة في بحيرة طبريا خلال فصل الشتاء، لكنّ إسرائيل ليست ملزمة بذلك، وفي عام 2010 اتفقا على أن الأردن سيشتري 10 ملايين متر مكعب إضافية من المياه من إسرائيل، وبذلك تصل الكمّية السنوية من المياه التي تزوّدها إسرائيل للأردن إلى 45 مليون متر مكعب سنوياً».

وأشار إلى أنه «لا يخفى على أحد، أن استياءً شخصياً عميقاً، يطغى على علاقة عبدالله ونتنياهو، وقد أثار الأردن خلافات في السياسة الداخلية لإسرائيل قبل الانتخابات، باستضافة وزير الحرب بيني غانتس في زيارة سرّية».

ثمة مقرّبون من نتنياهو يتحدّثون باستخفاف تجاه الأردن، ويصفونه كدولة في حالة أُفول


واعتبر أن «إسرائيل، من جهتها، ارتكبت أخطاء في تعاملها مع الأردن، خاصة الصورة المشتركة لنتنياهو في تموز 2017، مع حارس الأمن الإسرائيلي، الذي قتل اثنين من الأردنيين في مجمّع السفارة الإسرائيلية في عمّان. ولذلك، حصل صعود وهبوط في علاقاتهما. لكن الملك عبدالله لم يعد يُخفي موقفه الشخصي العدائي تجاه رئيس الحكومة، ومن المرجح في النهاية أن يلين نتنياهو، ويرد على طلب الأردن للحصول على مياه إضافية».

وأكّد أن «إسرائيل لديها مصلحة واضحة بالحفاظ على اتفاقية السلام مع الأردن، فثمة حدود طويلة بينهما، والأردنيون يحافظون عليها جيداً، ويمنعون التسلل، وتهريب الأسلحة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا