غزة | ليست المرة الأولى التي تتداعى فيها الدوحة لدعم مشاريع إعمار في قطاع غزة، ولكن تدشين ألف وحدة سكنية، بادرة قطرية جديدة للالتفاف على خطة «مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط»، روبرت سيري، لإعادة إعمار غزة، التي توقفت بفعل الانقسام السياسي الفلسطيني، والرفض المصري لاعتبار معبر رفح مدخلا لمواد الإعمار بدون وجود سلطة لرام الله عليه.
السفير القطري، محمد العمادي، قدِم إلى غزة من شمالها، تحديداً من البوابة الإسرائيلية (معبر بيت حانون ـ إيريز) حاملا في جعبته «بشرى» إيفاء بلاده بالمليار دولار الموعود به في مؤتمر المانحين في القاهرة نهاية العام الماضي، مشيراً إلى أنه نسق مع حكومة التوافق ورئيسها رامي الحمدالله من أجل ذلك، ولكن من دون بوادر حقيقية تدل على هذا التنسيق.
وفق مصدر فلسطيني مطلع، تحدث إلى «الأخبار»، فإن العمادي التقى قبل مجيئه مع ضباط كبار في مكتب الارتباط العسكري الإسرائيلي لبحث إمكانية إدخال مواد البناء إلى القطاع، فيما كان الرد الإسرائيلي «إيجابياً»... عدا التشديد على ضرورة الرقابة الإسرائيلية على جميع مستلزمات المشاريع القطرية.
التقى السفير
القطري ضباط إسرائيليين قبل مجيئه لغزة

وقال المصدر إن السفير القطري أكد للإسرائيليين أن لدى بلاده الرغبة في دفع أموال الإعمار مباشرة إلى غزة «دون المرور عبر خزينة السلطة تلافياً لتعطيل عجلة الإعمار»، وأن تل أبيب تفهمت ذلك تجنبا لانفجار عسكري وشيك في هذه المرحلة التي تستعد فيها لانتخابات الكنيست.
المصدر نفسه يشير إلى أن رامي الحمدالله رفض المشاركة في تدشين المشروع القطري على اعتبار أن ذلك يمثل قفزاً عن دور السلطة وخزينتها، لكن الحمدالله ومعه رئيس السلطة، محمود عباس، لا يملكان ما يثني قطر عن تنفيذ ذلك، وخاصة بعدما التف السيناريو الجديد على الدور المصري، وأيضا في ضوء الموافقة الإسرائيلية على تكفل الدوحة بإعمار غزة.
في المقابل، جاءت مشاركة وزير الأشغال العامة والإسكان في «التوافق»، مفيد الحساينة، لتعاكس ما يصرح به المصدر، ولكن آخرين يقدرون أن الحساينة كان مضطرا إلى المشاركة في استقبال العمادي حتى لا يترك الفراغ مجالا لأحد في حكومة «حماس» السابقة من أجل ملئه. أما الحساينة نفسه، فقال إن حكومته موافقة على المشاريع القطرية، مضيفا: «نرحب بهذه الجهود ونرى أنها خطوة جيدة وتعطي أملا للشارع الفلسطيني الذي يعاني». وأوضح الوزير لـ«الأخبار» أن السفير القطري أبلغهم وجود موافقة إسرائيلية على إدخال مواد البناء لمصلحة المشاريع القطرية، ومنها ما كان قد قرر قبل عامين»، معبرا عن أمله في أن يستمر تدفق الإسمنت عبر معبر «كرم أبو سالم» مع الأراضي المحتلة، كما أكد أن الإشراف الكامل على هذه المشاريع سيكون على عاتق وزارته التي تمثل حكومة الوفاق.
وبشأن التخوف من الاعتراض الدولي على الالتفاف على خطة سيري، قال الحساينة: «هناك مشاريع إنشائية تجري بعيدا عن خطة سيري تتعلق بوكالة الغوث وتورد لها إسرائيل مواد البناء وليس هناك أي فيتو عليها، وهذا ينعكس أيضا على المشاريع القطرية». كذلك أعاد التذكير بأن المشروع الجديد جزء مما وعدت به قطر في مؤتمر القاهرة، الذي عُقد أصلا بحضور السلطة.