لا تزال إيران ترفض فكرة الاتفاقيّة المنوي توقيعها بين واشنطن وبغداد، بغضّ النظر عن بنودها، في ظلّ تعويلها على تحرّك سياسي عراقي «كبير» يرافقه موقف معبّر لمرجعية النجف
طهران ــ محمد شمص
بات موقف طهران من الاتفاقيّة الأميركية ــ العراقية أكثر من واضح. وبدا أن حكّام إيران استغلّوا زيارة رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، التي دامت يومين وانتهت أمس، لإيصال الرسالة بحزم. موقف يتلخّص بالعبارة الذهبية الآتية: «المرجعية (الدينية) والشعب العراقي هما أهمّ عامل لمواجهة الضغوط الأجنبية ولن يسمحا للاحتلال في العراق، مهما كانت الذرائع والحجج الواهية، بأن يمسّ استقلالهم وسيادتهم وحريتهم».
عبارة كانت آخر ما صدر عن طهران بهذا الشأن، ممثّلة بأمين مجلس الأمن القومي، سعيد جليلي، أثناء استقباله المشهداني الذي كشف عن أنّ زيارته هدفت أساساً إلى «مناقشة الاتفاقية مع المسؤولين الإيرانيين وأخذ موافقتهم وتقديم التطمينات والضمانات اللازمة لهم».
غير أنّ طمأنات المشهداني قد لا تكون كافية، إذ أكّد رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني لنظيره العراقي أنّ الاتفاقية «ستكون لها نتائج سلبية كثيرة تمسّ سيادة العراق ودول الجوار والمنطقة».
وخلال لقائه وزير الخارجية منوشهر متكي، عاد المشهداني وربط مصادقة برلمان بلاده على الاتفاقية «التي انتهت المفاوضات حولها»، بموافقة المرجعية الدينية والحكومة العراقية. غير أنّ المشهداني أشار إلى أن الأجواء العامة في مجلس النواب «غير مشجعة وناقمة لأن البرلمانيين لا يعرفون ماذا يجري، ولأن الكثير من اللغط يدور في الفضائيات بشأنها والكثير من النواب لم يقرأوها بعد».
وفي رسالة طمأنة إضافية لطهران، لفت المشهداني إلى أنّ «بغداد حريصة على استشارة دول الجوار، ولا سيما إيران، بشأن القضايا المصيرية ذات التأثير المباشر على الأمن الإقليمي المشترك».
وكشفت مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، عن أن المعارضة الحقيقية في وجه الاتفاقية لم تبدأ بعد. كذلك تبشّر هذه المصادر بتحرّك سياسي وشعبي وإعلامي واسع النطاق قريباً، يشمل العراق كله، من دون المنطقة الكردية التي بدا زعماؤها متحمّسين للاتفاقية.
وفي السياق، قد تخرج هذه التحركات من الدائرة العراقية، إلى دول الجوار. وتضيف المصادر أن القوى السياسية الفاعلة في بلاد الرافدين، ولا سيما التيار الصدري، لن تقف مكتوفة الأيدي، وسوف تعبّر عن رفضها بطرق مختلفة عن التظاهرات الأسبوعيّة، لكن «في الزمان والمكان المناسبين». ويبدو واضحاً أنّ «المجلس الأعلى الإسلامي» وحزب «الدعوة الإسلامية» خفتت حماستهما للاتفاقية. وتشير المصادر إلى أنّ الرهان الأكبر حالياً، يقع على عاتق المرجعية الدينية، وخصوصاً في النجف، حيث قد يفاجئ السيد علي السيستاني الجميع بموقف يفرغ الاتفاقية من مضمونها.
ومن المتوقّع أن يزور لاريجاني بغداد قريباً، فيما وجّه الرئيس العراقي جلال الطالباني دعوة رسمية لنظيره محمود أحمدي نجاد، لزيارة العراق.