محمد بديركشف رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت عن رؤيته السياسية التي حاول التسويق لها خلال مباحثاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، طيلة ولايته، والتي لم تُبصر النور لا بسبب معارضة عباس لها، بل بسبب الأزمة السياسية التي شهدتها إسرائيل والتي قادت نحو تقديم موعد الانتخابات. وجاء الكشف عن رؤية أولمرت السياسية لتسوية الصراع مع الفلسطينيين لمناسبة لقائه مع المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الاوسط جورج ميتشل، في خطوة فسّرها بعض المراقبين في إسرائيل بأنها ترمي إلى «تطويق» خليفة أولمرت من خلال إبراز تفاصيلها أمام ميتشل بالذات. خطوة وصفها المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر بـ«إرث أولمرت».
وبحسب ما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد كشف أولمرت أمام ميتشل تفاصيل المفاوضات التي أدارها مع الفلسطينيين على الخطوط الهيكلية للتسوية الدائمة. كما عرض أمامه تعهداته وتعهدات وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أمام الفلسطينيين في إطار المحادثات على التسوية الدائمة.
وكشف أولمرت عن موقفه من مسألة إخلاء المستوطنات، مشيراً إلى أن «ستين ألف مستوطن من بين ربع مليون يعيشون في الضفة الغربية سيطلب منهم إخلاء أماكن سكنهم والعودة إلى الخط الأخضر في إطار التسوية الدائمة مع الفلسطينيين» أو «إلى الكتل الاستيطانية التي ستبقى في الضفة»، ما يعني أن الغالبية العظمى من المستوطنين سيبقون في مستوطناتهم.
والخطير في الموضوع هو أن الرواية الإسرائيلية لا تتحدث عن مجرد رؤية خاصة بأولمرت، بل تشير إلى أن الأمر يتعلق بتفاهمات عملية في المفاوضات مع الفلسطينيين، هي الأولى من نوعها بحسب «يديعوت».
وفي شأن حدود الانسحاب، نقلت يديعوت عن أولمرت قوله إن إسرائيل وافقت على الانسحاب في إطار التسوية الدائمة إلى حدود 1967، مع تعديلات حدودية تبقي الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية. ومقابل ضم الكتل الاستيطانية تنقل إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية التي ستُقام أراضي بنسبة 1 إلى 1 كيلومتر.
ووفقاً للتسوية التي تحدث عنها أولمرت، ستحظى الدولة الفلسطينية بتواصل إقليمي من خلال حدود مثل طرق عليا أو تحت أرضية بين الضفة وقطاع غزة. أما في مسألة اللاجئين، فقد اتفق على أن لاجئي 48 لن يكون بوسعهم العودة إلى إسرائيل، ما يعني إلغاء حق العودة رسمياً.
وفي مسألة القدس، وافقت إسرائيل، بحسب «يديعوت»، على أن تقسّم المدينة، وأن تنقل الأحياء في شرق المدينة إلى السيادة الفلسطينية، أما الاماكن المقدسة فستنقل إلى إدارة وترتيب سلطة دولية تشرف على الوصول إلى هذه الأماكن وتضمن أن يكون بوسع كل أبناء الديانات الثلاث أداء فرائض العبادة دون عراقيل.
وعن السبب الذي حال دون نضوج كل هذه التفاهمات إلى اتفاق، نقلت «يديعوت» عن أولمرت قوله إن أبو مازن وأحمد قريع (أبو علاء) «قطعا الاتصال» حين تبيّن لهما أن اسرائيل تسير نحو الانتخابات.
وفي الموضوع السوري، أبلغ أولمرت ميتشل بتفاصيل المحادثات غير المباشرة التي أدارتها إسرائيل في السنة الأخيرة مع مسؤولين سوريين في تركيا. وفي تقديره، مقابل اتفاق سلام مع دمشق ستكون إسرائيل مطالبة بالانسحاب من هضبة الجولان، ولا يقبل السوريون أي صيغة أخرى. وقال أولمرت: «كنا قريبين جداً من الدخول إلى مفاوضات مباشرة مع السوريين. ولكن الانتخابات عندنا والمعركة في غزة برّدت السوريين، وأعلنوا وقف الاتصالات غير المباشرة بواسطة الأتراك».