عندما يرغب حكام بغداد الحاليون إثبات جدارة حكمهم، يذكرون «صولة الفرسان» التي غيّرت أحوال البصرة 180 درجة
بغداد ــ زيد الزبيدي
مع أفول شهر آذار، يكون قد مرّ عام على حملة «صولة الفرسان» الأمنية في محافظة البصرة، التي حُدِّدَت أهدافها بالآتي: «تحقيق الأمن والنظام، والقضاء على الخارجين عن القانون، وحصر السلاح بيد الدولة».
حملة شاركت فيها وحدات من الجيش العراقي والشرطة وكل الأجهزة الأمنية، بلغ تعدادها أكثر من 45 ألف عنصر، وتولّت مهمة إدارة عملياتها قيادات عليا في الجيش والشرطة بقيادة وزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطني والعدل، من دون أن ننسى المشاركة الحاسمة التي سجّلها الطيران الأميركي في تقديم الدعم والإسناد في بعض مراحل الحملة.
انتهت العمليات العسكرية الفعلية في الثاني من نيسان 2008، لكن بعض العمليات المحدودة لا تزال مستمرة حتى اليوم للقبض على المطلوبين بـ«قضايا إرهابية»، ومصادرة الأسلحة غير المرخصة.
وبحسب المسؤولين العراقيين، كان «لتعاون المواطنين»، ومن بينهم شيوخ العشائر والشخصيات الدينية والسياسية، «الأثر الكبير في كشف العديد من المتورطين في جرائم القتل والاغتيالات وفرق الموت التي تقف وراءها أجندة إقليمية، كانت تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البصرة، لكونها رئة العراق وشريانه الاقتصادي».
وعن نتائج الحملة الأمنية، قال محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي، في الذكرى السنوية الأولى لبداية «الصولة»، إنّ الوضع الأمني في البصرة حالياً «أفضل بكثير مما كان عليه»، كاشفاً عن أنّ الجريمة قد انخفضت بنسبة 90 في المئة تقريباً، مشيراً إلى أنّ عمليات التهريب توقفت بصورة كبيرة، سواء في ما يتعلق منها بتهريب النفط أو المواد الأخرى.
وعن انعكاس التحسن الأمني على ميادين الحياة، يوضح الوائلي أنّ حركة الإعمار في البصرة شهدت أنشطة «واسعة جداً، وتمكنّا من إنجاز العديد من المشاريع المقررة في خطة 2008 وشهد الاقتصاد في البصرة تحولاً كبيراً، من خلال الشركات الأجنبية والعربية والمستثمرين العراقيين». وفي تقويم لأسباب الفلتان الذي استوجب من وجهة نظر حكومة نوري المالكي شنّ «الصولة»، يعزو معاون مدير شرطة البصرة، العميد عيدان العيداني، سبب الخروق الأمنية والتوتر الأمني إلى «القيادات الأمنية السابقة، سواء في الجيش أو الشرطة أو الأجهزة الأمنية، الذين طغى على أفعالهم الضعف وعدم المهنية والتردد في اتخاذ القرار، والمجاملة مع الأحزاب والميليشيات التي كانت تسيطر على المحافظة، ما سهّل الخروق الأمنية، وفقدان هيبة الدولة».
وينوّه العيداني بالتعاون اليومي مع المواطنين «الذين يخبرون عن العناصر الخارجة عن القانون، وكذلك يدلون بالمعلومات المهمة عن أماكن الأسلحة غير المرخصة في المحافظة».
وللمواطنين في البصرة وجهات نظرهم، إذ يُجمعون على أن التطور الإيجابي والتحول الأمني الذي طرأ على مدينتهم أنهى عنصر الخوف والقلق الذي كان يخيم على الجميع من المجهول الذي ينتظرهم. وقال المواطن حسن خزعل إنّ الوضع في البصرة «كان أشبه بساحة معركة، لا نسمع فيها غير أصوات الرصاص، ولا نشهد إلا القتل، وكانت سيارات القتلة تجوب الشوارع، تقتل من تشاء دون وازع من ضمير ولا خوف، وتسجل الجرائم ضد مجهول ولكن بعد صولة الفرسان عادت الحياة الطبيعية إلى المدينة».
بدورها تستذكر المدرّسة أم أيمن كيف كانت «الحياة معطلة في البصرة قبل صولة الفرسان»، وكيف أُجبرت البنات على ترك الدراسة، لتعود وتلاحظ الفارق اليوم. ورغم أنّ الموظف البصري علي كاظم يقرّ بالتغيير الكبير، إلا أنه يطالب السلطات ببذل المزيد «لأن هناك بعض الخروق الأمنية تحدث، ويبقى الفاعل مجهولاً». وفي ما يشبه الخروج عن نغمة التغني بالتحسن السائد منذ نيسان 2008، يختم علي كلامه بالقول: «نتمنى ألا تكون هذه الحوادث بمثابة عودة للعصابات الإجرامية النائمة، أو التي نسمع في الإعلام أنها عادت لتمارس القتل مرة ثانية».