يمكن وصف استحقاق الانتخابات الرئاسيّة الجزائريّة غداً بأنه بمثابة تجديد البيعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وسط مقاطعة أبرز أحزاب المعارضة، وافتقار المرشحين الـ5 لإمكانات المنافسة الحقيقيةيتوجّه الجزائريون غداً إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وسط إجراءات أمنية مشددة. انتخابات يتوقع أن لا تحمل أي مفاجأة، ولا سيما أنّ فوز الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة بولاية ثالثة بات شبه محسوم. فوز عززه قرار أبرز أحزاب المعارضة التقليدية، وهما «تجمع الثقافة والديموقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية»، وأحد القياديين الإسلاميين المتشددين عبد الله جاب الله، مقاطعة الاقتراع بحجة أنه «محسوم سلفاً».
وإلى جانب الرئيس الجزائري (72 سنة)، الذي أُعيد انتخابه سنة 2004 بنسبة 84.99 في المئة، يسعى 5 مرشحين آخرين لكسب أصوات أكثر من عشرين مليون ناخب. إذ تترشح كل من لويزة حنون (56 عاماً)، المرأة التي تتزعم حزب العمال (تروتسكي)، وعلي فوزي رباعين (54 عاماً)، مؤسس حزب «عهد 54» (إشارة إلى سنة اندلاع الثورة الجزائرية 1954) للمرة الثانية.
وعلى غرارهما، يحاول كل من «زعيم الجبهة الوطنية الجزائرية» موسى تواتي (56 عاماً) ومنحد اوسعيد بلعيد، المدعو محمد السعيد (62 عاماً)، زعيم «حزب الحرية والعدالة الإسلامي» المعتدل، ومحمد جهيد يونسي (48 سنة) الأمين العام لـ«حركة الإصلاح الوطني» (الإسلامية)، فرض أنفسهم على الساحة السياسية، غيّر أنه تنقصهم الإمكانات مقارنة ببوتفليقة.
ويبقى أنّ نسبة المشاركة في الانتخابات ستمثّل الرهان الأكبر. فمنذ انطلاق الحملة الانتخابية في 18 آذار، وتفادياً لارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت في غياب أي رهان اقتصادي في الاقتراع، جاب المرشحون جميعاً مختلف أنحاء البلاد، داعين بإلحاح الناخبين إلى التصويت بكثافة.
بدوره، زار بوتفليقة 32 ولاية من أصل 48، حتى إنّ أنصاره يتباهون بتنظيم نحو ثمانية آلاف مهرجان انتخابي. وأعرب الرئيس عن رغبته في أن يحصل الفائز على «أغلبية كاسحة».
ووعد بوتفليقة، الذي استدل بحصيلة السنوات العشر التي قضاها في السلطة، بالاستقرار والاستمرارية في «جزائر قوية تسودها السكينة» عبر خطة تنمية جديدة تقدر تكاليفها بنحو 150 مليار دولار، وبناء مليون مسكن وتوفير ثلاثة ملايين وظيفة.
وخلال لقاء عدّه «تاريخياً» مع سكان تيزي أوزو، ورأى فيه المراقبون منعطفاً في حملته الانتخابية، اقترح بوتفليقة على منطقة القبائل «فتح صفحة جديدة» في علاقات الدولة مع تلك المنطقة التي شهدت اضطرابات سنة 2001 أدّت إلى سقوط 120 قتيلاً.
وتحدث بعد يومين عن عفو شامل «محتمل» على الإسلاميين، الذين لا يزالون يقاتلون، «إذا وافق الشعب» عليه. عفو يندرج في إطار سياسة المصالحة الوطنية التي انتهجها بوتفليقة منذ سنة 2000، وأدت إلى استسلام آلاف الإسلاميين بعد عقد من أعمال العنف التي اندلعت سنة 1992 وخلّفت ما لا يقل عن 150 قتيلاً.
وكان متمردون إسلاميون قد صعّدوا من نشاطهم قبل الانتخابات. وقالت وزارة الداخلية الجزائرية إن الإسلاميين قد يحاولون شنّ هجمات كبيرة للاستفادة من التغطية الإعلامية المكثفة.
ووعدت السلطات بأن يكون الاستحقاق الانتخابي شفافاً مع تأليف لجنة مراقبة الانتخابات ومشاركة مراقبين أجانب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
(أ ف ب، رويترز)