يوحي تأخر البدء بإعادة إعمار مخيم نهر البارد بعدم الرغبة بعودة أبنائه إليه. وهذا ما يبدو في استبعاده، ولو مرحلياً، عن برامج تجديد الأنشطة الرياضية فيه.
روبير عبد الله
قام وفد من الهيئات المسؤولة عن النوادي الرياضية في مخيم نهر البارد بزيارة مسؤول وحدة الشؤون والنهوض التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، المهندس عبد اللطيف عيسى، لمراجعته بشأن المعاناة التي يواجهها أبناء المخيم نتيجة النقص الفادح في مجال الأنشطة الرياضية. وحصل الوفد على وعد بالاهتمام في حال توافر التمويل اللازم للقيام بما طلبه أعضاء الوفد.
في ما مضى كان يشكو أبناء المخيم من ضيق الزواريب والأزقة، ولكن مع ذلك كان يجتمع الأولاد والشباب في بعض الزوايا فيلعبون أو يلهون. فيما أقرب مكان للتسلية خارج البراكسات صار خيمة تقدم فيها النراجيل ويجتمع فيها أفراد لا تربطهم قرابة ولا عقيدة، بل صدفة وجودهم في هذا المجمع من البراكسات. فلا يراعي كبير بينهم حرمة وجود مراهق، فتطلق العبارات على عواهنها أمام الأطفال والأولاد كما يقول زياد شتيوي أحد المقيمين في البراكسات.
يحاول الناشطون من أعضاء النوادي الرياضية إعادة التقاط المبادرة. ولو ضمن استهدافات تراجعت كثيراً عما كان يصبو إليه مؤسسو تلك النوادي، كما يقول خالد عثمان، عضو الهيئة الإدارية في نادي الناصرة الذي تأسس عام 1978 على خلفية «الإيمان بأن الرياضة هي طريق من طرق النضال حتى تحرير الوطن».
يضيف عثمان أن المخيم ليس فيه ملعب لكرة السلة ولا لكرة الطائرة ولا لأي شيء آخر. علماً بأن النادي استأجر قطعة أرض وقدمها لأبناء المخيم على خلفية وعد بالحصول على مبلغ أربعين ألف دولار من الأونروا لتشييد الملعب وتأمين مستلزماته، لكن المبلغ تبخر.
يشكو أهالي المخيم من استهلاك المساعدات في مجالات لا طائل خلفها. إذ هناك العديد من الموظفين المحسوبين على الأونروا، يقول عبد الحكيم شرف، يسجلون تحت لافتة (مجهول) Unknown، يقبضون رواتب عالية ولا نعلم ماهية المهمات التي يؤدونها. وهنا يضيف أحمد حسن، أحد أبناء المخيم، أن كماً كبيراً من الأموال تصرف هدراً في المخيم ولكن من العسير الحصول على مستمسكات تثبت صدقية ادعاءاتنا، غير «أننا نلاحظ الرانجات تصول وتجول في المخيم لأشهر متعددة من أجل إحصاء الأضرار وتقدير حجم المساعدات المطلوبة. علماً بأن ما يؤدونه من مهمات يستطيع تنفيذها أي فلسطيني سيراً على الأقدام خلال أيام قليلة».
يتساءل مسؤولو النوادي الرياضية عن سبب استبعاد مخيم البارد من دائرة اهتمام الأونروا بالأنشطة الرياضية فيه بعدما علموا بتنفيذ مؤسسة رايت تو بلاي مشروعاً في مخيم البداوي بقيمة مئتي ألف دولار، علماً بأن المؤسسة المذكورة تعنى خاصة بتشجيع الرياضة في المناطق المنكوبة ومخيم البارد من تلك المناطق بامتياز.
وكشفت مسؤولة الإعلام في الأونروا، هدى الترك، عن أن الأونروا بالتعاون مع رايت تو بلاي بصدد مرحلة تجريبية تجري في خمسة مخيمات في لبنان لا تشمل حالياً مخيم نهر البارد. ولكن في حال نجاح التجربة فإن مخيم البارد غير مستبعد، شأنه في ذلك شأن باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان. وعن حصة البارد من أنشطة الأونروا أجابت الترك بأن المدارس التابعة للوكالة ستقوم بأنشطة ترفيهية في فصل الصيف وسيكون للبارد حصته من دون شك.
لقد كان مخيم البارد ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان. ما يثير الشك حول الهدف من التباطؤ في إعادة الحياة إليه.


135ألفاً و500 دولار شهرياً

أصدرت مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان تقريراً أحصت فيه ما سمته «المجموع الكلّي لتكاليف الموظفين الدوليين وكبار الموظفين المحليين شهرياً» في برنامج الطوارئ لإعادة إعمار مخيم نهر البارد التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وقدر مجموع المبالغ بمئة وخمسة وثلاثين ألفاً وخسمئة دولار. وهو ما يكفي لإعالة ربع السكان المقيمين في المخيم، برأي يوسف كنعان أحد أبناء المخيم الذي يرى أن سكان المخيم قادرون على إعادة بناء منازلهم لو أزيلت العوائق الحيوية من أمامهم.