خاص بالموقع - تمثّل الدراجات النارية وسيلة نقل منخفضة الكلفة بالنسبة إلى اليمنيين، إلا أنها أصبحت أخيراً مرادفة للموت، إذ بات المسلحون يستخدمونها لشن هجمات على قوات الأمن في هذا البلد الفقير.ومنعت السلطات استخدام الدراجات النارية كوسيلة للنقل بالأجرة في حزيران الماضي في محافظة أبين الجنوبية، وذلك بعد تسجيل 28 هجوماً شنّها ناشطون بواسطة دراجات منذ بداية العام.
وبحسب السلطات، أدّت هذه الهجمات إلى مقتل 15 عسكرياً في محافظة أبين التي باتت تعدّ من معاقل تنظيم القاعدة، إضافةً إلى أنها من المحافظات التي ينشط فيها الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال.
وقال وكيل محافظة أبين، أحمد ناصر جرفوش، إن «معظم الهجمات ضد الضباط والجنود ومقار الأجهزة الأمنية في محافظة أبين شنّها أشخاص كانوا يقودون دراجات نارية».
إلا أن منع الدراجات لم يحل دون استمرار الهجمات في محافظات أخرى، كالهجوم الذي نفذ الأسبوع الماضي في محافظة الضالع الجنوبية القريبة، وأدى الى مقتل شرطي.
وقال المدير العام لمديرية زنجبار، كبرى مدن أبين، غسان الشيخ، إن التدابير التي اتخذتها السلطات «لا تحلّ المشكلة إلا جزئياً». ورأى أنه يتعين على الحكومة أن تقدم تعويضات لأصحاب الدراجات البالغ عددهم ألفي شخص، إذ منعوا من استخدام دراجاتهم والاسترزاق عبر تقديم خدمات النقل الخاص للأفراد، مقابل أجر منخفض نسبياً.
وتساءل «إذا كان الإرهابيون يستخدمون السيارات لتنفيذ عملياتهم، فهل يمنع السكان من استخدام السيارات؟»، معرباً عن شكّه في إمكان تسجيل أي نتائج إيجابية للتدابير المتخذة على مستوى الحدّ من العنف.
وفي باقي أنحاء البلاد، اتخذت السلطات تدابير أخرى ضد سائقي الدراجات النارية، بما في ذلك منعهم من التنقل بين الثامنة مساء والسادسة صباحاً، وفرض لوحة تسجيل للدراجات.
ونظّم أصحاب الدراجات سلسلة من التحركات الاحتجاجية ضد التدابير التي يقولون إنها لم تفعل سوى قطع مصدر رزقهم، في ظل بطالة تطال 40 في المئة من القوة العاملة في اليمن.
وقال محمد محسن نصر (24 عاماً) الذي يقود دراجته كوسيلة نقل للركاب في مدينة تعز (جنوب صنعاء)، ويسترزق من هذا النشاط لإعالة أشقائه وشقيقاته السبع بعد وفاة والديه عام 2007 «إن السلطات تقول لنا دائماً إن الدراجات استُخدمت لزعزعة الأمن ومهاجمة المسؤولين».
وأضاف «أحيانا توقفني الشرطة لساعات وتجري تحقيقاً معي»، مشيراً إلى أنه يكسب 14 دولاراً يومياً من تقديمه خدمة نقل الركاب بدراجته القديمة.
من جهته، قال الموظف الحكومي حسين جراد (35 عاماً) «إن أتباع القاعدة لا يرتكبون الجرائم في البلاد فقط، بل يخلقون هاجساً نفسيّاً لدي مستخدمي الدراجات النارية».
ويستخدم هذا الوالد، المعيل لثلاثة أبناء، دراجته للتنقل بين منزله وعمله في صنعاء، إلا أنه يؤجّرها عندما تنقصه السيولة في نهاية الأشهر الصعبة.
وتأمل الحكومة أيضاً، عبر اتخاذ تدابير ضد الدراجات النارية، أن تنخفض عدد الحوادث المرورية التي يسببها سائقو هذه الدراجات، وهي حوادث تحصد أرواح ما بين 30 و40 شخصاً كل شهر بحسب الإحصاءات الرسمية.
لكن المحلل سعيد عبيد العجمي، الذي نشر كتاباً عنوانه «القاعدة في اليمن»، رأى أن حظر الدراجات النارية «لم يضع حداً للهجمات الإرهابية»، وعزا مشكلة العنف على نحو رئيسي إلى انتشار السلاح بأيدي السكان بكثرة.
وقال إن «القبائل اليمنيّة تملك ترسانات حقيقية من الأسلحة تستخدمها للتمرد على الدولة، الأمر الذي يمثّل تهديداً مستمراً للنظام».
ورأى أن البطالة المتفشية، على نحو واسع بين الشباب، وغياب نفوذ الحكومة في بعض المناطق سيفاقمان ظاهرة العنف لا محالة.

(أ ف ب)