أصابت نتائج الاستفتاء الفايسبوكي الفلسطينيين الأردنيين بالصدمة. كان السؤال المطروح «ما هي نظرة الناس لأبناء المخيّمات»؟ الصفحة التي تحظى باهتمام كبير ومتابعة عالية من مدمني الفايسبوك، تطرح عادة أسئلة متعددة ضمن استفتاء، وطبعاً تشتعل التصريحات والشتائم والنقاشات غير الحضارية في بعض الأحيان، مع أنها تعالج قضايا مهمّة. الإجابات تفاوتت ما بين رأي سلبي في أبناء المخيمات وآراء مهينة وغير مقبولة أخلاقياً. مثال ذلك، نعت أبناء المخيم «بالنّوَر» كناية عن التحقير والازدراء، للطرفين طبعاً. بعض الردود كانت «عقلانية»، بحيث أجابت بأنهم .. بشر مثل باقي الناس! لكن البعض لم يعجبه هذا «التقويم»، بل كان متحمساً لأبناء شريحة مهمة وكبيرة في المجتمع الأردني. المطمئن في الموضوع أن معظم التعليقات جاءت إيجابية بل كان البعض منها يصبّ في خانة الدفاع عن بعض السلوكيات غير المقبولة، وهناك ما دلّ على احترام بعض المعلّقين لأبناء المخيم وبعض المتعاطفين مع أوضاعهم المعيشية. نظرة المجتمع الأردني إلى أبناء المخيمات هي النظرة العامة للاجئين في الأردن وفلسطين نفسها، وهي تتفاوت ما بين الازدراء والاحتقار من البعض، والاحترام والمحبة من البعض الآخر. السبب الرئيسي لهذه الصورة النمطية هو رد الفعل الاجتماعي على بداية الاستقرار النسبي للاجئين في مخيماتهم. هكذا، بدأت عملية احتقار واضطهاد منظّمة ضدهم، لأنهم «لاجئون همل ومقرفون» فاضطر العديد من شبيبة المخيم للتوجه إلى درب «الزعرنة» والبلطجة من لإثبات الوجود، لكن هذه الطريقة لم تدم طويلاً لأن التعليم في المخيمات أصبح أساسياً ومهماً، لذا يُعدّ من درسوا في مدارس الوكالة في المخيمات وغيرها من أبرع التلاميذ بين أقرانهم. حتى على الصعيد المهني، خرّجت المخيّمات الفلسطينية كفاءات علمية عالية في مختلف المجالات، منهم الدكتور إبراهيم السعافين على سبيل المثال الحائز عدة جوائز عالمية، والدكتور ابراهيم السلقان من أهم الأطباء في العالم، والدكتور ابراهيم أبو سريس من أبرع أطباء القلب في العالم، والقائمة تطول وتطول حتى إن أكثر من 100 إبراهيم يحملون شهادات الدكتوراه في حقول نشاطهم. وأبناء اللاجئين سبقوا غيرهم في العديد من المجالات، فحتى بين الحرفيين والمهنيين وأصحاب المصلح التجارية، إذا كان المقياس هو الإنجاز المادي، هناك إنجازات. فعائلة تقطن في مخيم الوحدات، عائلة «الجبالي»، تحتكر تقريباً كل ما يتعلق بقطع غيار السيارات، وليس بعيداً أن عبد الباري عطوان «الغني عن التعريف» (رئيس تحرير جريدة القدس العربي في لندن) هو من مواليد مخيم البقعة.
البؤس والفقر والعوز، والنظرة الدونية إلى أبناء المخيمات لم تكن يوماً عائقاً أمام نجاحهم، بل كانت دافعاً إلى التحدي لإنجاز المزيد من التقدم على كل المستويات، مما قد يصيب لوبي الليكود الأردني، الذي يقوده بعض المتعصبين العنصريين، وزمرة الكتائبية، وهي عصابة عنصرية تحتقر كل ما هو فلسطيني، تصيبهم بالصدمة تلو الصدمة.
الصورة النمطية لأبناء المخيمات مهما كانت سيئة ومهما كانت محتقرة من العديد من فئات الناس، تبقى صورة نمطية بعيدة كل البعد عن الواقع، وكما علّق أحد الشباب على استفتاء صفحة عمان على الفايسبوك «فليجرب واحد من هؤلاء الذين وصفونا بالزبالة والهمل والمقرفين والمتخلّفين، العيش في ظروفنا ... يومين فقط ... ليعرفوا ما هو العذاب الذي نعانيه يومياً، وليتفضّل من يشاء ويعطني نصف الفرصة التي أتيحت له».


صورة نمطيّة

الصورة النمطيّة التي زُرعت في الأذهان سيطرت كثيراً على فئات واسعة من الناس، حتى إن البعض يصاب بالذهول إذا رأى أحد أبناء المخيمات في منصب مهمّ، أو عمل محترم! وإذا سُئل عن مكان سكنه وأجاب المخيم الفلاني، يصاب السائل بالذهول، كأن الوظائف المهمّة والمحترمة حكر على غير سكّان المخيم. بل ذهب البعض للظّن أن أكبر نسبة لتعاطي المخدرات هي في المخيمات، علماً أن العديد من شبيبة المخيم لا يجدون ثمن علبة سجائر بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها.