في وقت تسابق فيه الوساطة الأممية في الدوحة الوقت للتوصل إلى اتفاق سلام مع الحركات المتمردة في دارفور يعيد الاستقرار إلى الإقليم، تبرز تهديدات جديّة باحتمال عودة الحرب، مع توافر معلومات عن جهود تبذلها الحركات المتمردة لتنسيق جهودها ضد الحكومة السودانية، متخذةً من عاصمة الجنوب، جوبا، مركزاً لها.وتشير معلومات يروّج لها الحزب الوطني الحاكم إلى أداء الحركة الشعبية لتحرير السودان، المسيطرة على الجنوب، دوراً رئيسياً في تشجيع هذه الجهود من خلال استقبالها في جوبا لقيادات حركات تمرد دارفور، التي تحاول على ما يبدو إعادة تنظيم صفوفها والتنسيق في ما بينها، استعداداً لمرحلة جديدة تلي انتهاء استفتاء تحديد مصير جنوب السودان المحدد بعد 19 يوماً.
ووفقاً للمعلومات، تقيم «حركة العدل والمساواة» معسكراً صغيراً في منطقة «قوق مشار» الجنوبية، لا يتجاوز عدد أفراده 25، يتولى قائد قوات الجيش الشعبي في منطقة «ونيك»، الجنرال سانتينو، التنسيق مع قيادات المعسكر وترتيب أوضاعهم، بما في ذلك منحهم المال دورياً لشراء الإمدادات.
ويبدو أن أوغندا، التي تربطها علاقات قوية بالحركة الشعبية، تحاول أداء دور في دارفور من خلال دعمها «حركة العدل والمساواة»، مستفيدةً في الوقت نفسه من تراجع الدور التشادي بعد المصالحة مع السودان، وما أدّت إليه من توقف الخرطوم عن دعم المتمردين التشاديين مقابل طرد نجامينا المتمردين السودانيين من أراضيها.
وتتحدث المعلومات عن تسهيل مسؤولين أوغنديين، في آب الماضي، عقد اجتماعات سرية بين الأمين العام لـ«حركة العدل والمساواة» أحمد آدم بخيت وكبير مفاوضيها أحمد تقد لسان وأمين شؤون الرئاسة في الحركة منصور أرباب، وبعض قادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي، في كمبالا، أدّت في نهاية المطاف إلى انتقال القادة الثلاثة إلى جنوب السودان.
ووفقاً للمعلومات، زوّدت الحركة الشعبية «حركة العدل والمساواة» أسلحة متنوّعة، أبرزها صواريخ مضادة للدروع والطائرات.
بدورها، حوّلت «حركة تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد نور، الجنوب إلى مقر لعدد من قياداتها. ويشار إلى وجود خمسة مكاتب للحركة في الجنوب أبرزها مكتب في جوبا.
أما حركة التمرد الثالثة، التي لا لبس في ما بات يمثّله لها الجنوب من مأوى، فهي «حركة تحرير السودان» جناح مني أركو مناوي، الذي أقصته الحكومة السودانية قبل فترة وجيزة من منصبه رئيساً للسلطة الانتقالية في إقليم دارفور، بعدما تدهورت العلاقة بين الجانبين بما يهدّد اتفاق أبوجا الموقّع في 2006 بالانهيار. ووفقاً للمعلومات، يخطط مناوي، الذي انتقل للإقامة في جوبا، لنقل عدد من أتباعه إلى عاصمة الجنوب لترتيب أوضاع تنظيمه، معوّلاً على فترة ما بعد الاستفتاء لاستئناف نشاطه العسكري في دارفور.
وفيما تحدثت المعلومات عن تولّي متخصّصين من الجيش الشعبي إخضاع كبار قادة حركة مناوي، الذين انقطعوا لفترة عن المشاركة في المعارك لدورات تدريبية، يبدو أن نائب رئيس الحركة الشعبية، رياك مشار، يعدّ الداعم الأول للحركات المتمردة. ويعمد إلى توفير تذاكر الوصول لقيادات الحركات إلى جوبا ونفقات الإقامة في فنادقها.
وعلى الرغم من أن الحركة الشعبية لتحرير السودان حاولت في العلن النأي بنفسها عن دعم المتمردين، إلّا أنها تبقى المستفيد الأكبر من وجود الحركات المتمردة داخل مناطق نفوذها.
ولا تقتصر أهداف الحركة على استخدام وجود الحركات المتمردة ورقة إضافية لمساومة الحزب الحاكم للحصول منه على مزيد من التنازلات السياسية قبل موعد استفتاء الجنوب، إذ نجحت الحركة في إيصال رسالة لا لبس فيها إلى الحكومة السودانية، بأن أي مواجهة مقبلة مع الجنوب، في حال عدم تمكن استفتاء تقرير المصير من إرساء حل سلمي، لن تكون بمنأى عن مشاركة مسلّحي الحركات المتمردة إلى جانب الجيش الشعبي من جهة، وإشعال الحرب من جديد في دارفور من جهةٍ ثانية، وسط تنسيق سيكون غير مسبوق بين الحركات.