لقد أسقط الإعلام الحربي اليمني، بما هو فقط كاميرا عادية وأحياناً كاميرا هاتف جوّال، الإمبرطورية الإعلامية الضخمة للخليج بقليل من الجهد والإمكانات، مثلما أسقط مقاتلو «أنصار الله» الحفاة، ولكن الشجعان، المنظومة العسكرية والتسليحية الغربية، بقدرتهم على إحراق مدرعات الغزاة، لا بالصواريخ المضادة للدروع دائماً، بل بـ«الولاعة» أحياناً تنفيذاً لوصية قائد حركة «أنصار الله»، وتوفيراً للذخيرة العسكرية.
تستفزّ التغطية القطرية لمعركة الحديدة دول «التحالف» وخصوصاً الإمارات
وعلاوة على أولوية «التصدي للإعلام الإيراني»، جاءت على قائمة أولويات المجتمعين في جدة، أيضاً، مواجهة الإعلام القطري، وخصوصاً قناة «الجزيرة»، التي تستفزّ تغطيتها لمعركة الحديدة دول «التحالف»، وفي مقدمها الإمارات، التي انتقد وزير الدولة للشؤون الخارجية فيها، أنور قرقاش، أكثر من مرة، موقف قطر، متهماً إياها بمحاباة إيران على حساب قضايا الخليج. والجدير ذكره، هنا، أن «الجزيرة» تركّز، في تغطيتها للمعركة، على الأطماع الإماراتية في السواحل والموانئ والجزر اليمنية، وكذلك على كارثية الهجوم على الحديدة على المستوى الإنساني. وقد أظهرت القناة القطرية، منذ فترة غير قصيرة، تبدلاً واضحاً في تعاملها مع الملف اليمني، على خلفية المقاطعة المفروضة عليها من قبل السعودية والإمارات.
من جهة أخرى، تنبئ المواقف التي صدرت عن اجتماع جدة بأن الخيار العسكري لا يزال متقدماً على غيره، وأن دول «التحالف» في طور الاستعداد والتجهيز لجولة قادمة من المعارك في مقبل الأيام، وأن محاولات المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إيجاد حل سياسي يجنّب مدينة الحديدة المعارك، لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها، على عكس ما أوحت به تسريبات وكالة «رويترز» الأخيرة بشأن موافقة سعودية أولية ورضى أميركي و«همهمات إيجابية» من الإمارات إزاء طرح غريفيث. وما يفيد التنبيه إليه، في هذا السياق، بأن الطرح الأممي الجديد هو نفسه الطرح القديم القاضي بإشراف المنظمة الدولية على ميناء الحديدة، على أن تؤول عائداته الجمركية إلى حكومة الإنقاذ في صنعاء، والذي جدد زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في خطابه الأخير، استعداد الحركة للقبول به بهدف سحب ذريعة العدوان القائمة على أن ميناء الحديدة يستخدم لتهريب الأسلحة. لكن الإصرار على التحشيد للمعركة يكشف الأطماع الحقيقية لدول العدوان، وهدفها الرئيس من وراء الحرب، المتمثل في القضاء الكلي على أكبر مكون يمني، وعودة اليمن برمته إلى زمن الوصاية والهيمنة السعودية.