فيما يزداد الحديث عن احتمال إرساء هدنة قريباً تعلّق العمليات العسكرية المستمرة منذ مطلع آب الماضي، تاريخ فشل وقف إطلاق النار السابق، أوضح مصدر مقرّب من وفد صنعاء في مسقط أن ما أعلنه وزير الخارجية في الحكومة الموالية للتحالف السعودي، عبد الملك المخلافي، عن قبول الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بهدنة لمدة 72 ساعة لأغراض إنسانية، «لم يُطرح عليهم بصورة رسمية من قبل الأمم المتحدة». وقال المصدر في حديثه إلى «الأخبار» إن هذا الاعلان قد يكون الغرض منه تخفيف ضغط عمليات الجيش و«اللجان الشعبية» على القوات السعودية في جبهة الحدود التي تشهد تقدماً متصاعداً للقوات اليمنية ويرافقه قصف صاروخي على مواقع مهمة.
واصلت قوات أمنية جنوبية تهجير عشرات المواطنين الشماليين

وأكد المصدر أن حديث طرف الرياض عن الحل السياسي قد يكون متناغماً مع دعوة «الرباعية الدولية»، ولكنه لم يترجم بعد في شكل مبادرة رسمية يفترض أن تسلم لوفد صنعاء عبر الأمم المتحدة، وهو ما ينطبق أيضاً على الحديث عن الهدنة التي لا تزال حديثاً إعلامياً لا أكثر.
في هذا الوقت، يتصاعد صراع النفوذ ومحاولة فرض السيطرة على عدن بين حكومة هادي التي عادت إلى المدينة الجنوبية مطلع الأسبوع الجاري، ومكوّنات «الحراك الجنوبي». وتُرجم التصعيد بخلافات حادة بين القوات الموالية لهادي، وهي قليلة، إلى جانب قوات «الحزام الأمني» التابعة للتيار السلفي الموالي للإمارات بقيادة هاني بن بريك من جهة، وبين قيادات «الحراك» من جهة أخرى.
وأكد مصدر محلي في محافظة عدن لـ«الأخبار» أن الوضع مرشح للانفجار في المدينة في ظل التوتر بين مختلف الأطراف منذ أيام عدة، موضحاً أن حكومة أحمد بن دغر، المعينة من قبل هادي، حاولت «مقايضة» بن بريك في منصب محافظ عدن خلفاً لمحافظ عدن المعيّن من قبل هادي، عيدروس الزبيدي الذي يعدّ من أبرز قيادات «الحراك» الميدانية، وهو ما اعتبرته قيادات في عدن محاولة لتغييبه و«إجهاض نضالات الشعب الجنوبي في نيل مطالبه المشروعة في فك الارتباط عن صنعاء»، وفقاً لتعبيرها.
كذلك، فجّر حفل فني وخطابي نظمته حكومة أحمد عبيد بن دغر المعينة من قبل هادي أمس، لمناسبة حلول الذكرى الـ53 لثورة «26 سبتمبر»، جدلاً واسع النطاق في أوساط مكوّنات «الحراك الجنوبي» التي اعتبرت إقامة الحفل «تحدياً لإرادة الشعب الجنوبي» وإهداراً لشهدائه في سبيل القضية الجنوبية العادلة. الحفل الذي غاب عن المشاركة فيه محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير الأمن شلال علي شائع ومختلف قيادات «الحراك الجنوبي»، عدّه السياسي الجنوبي لطفي شطارة عملية التفاف على انتصارات الجنوبيين وتضحياتهم. وأشار إلى أن إقامة الحفل في المدينة مؤشر على تمرير مخطط حكومي في هذا الخصوص، وأكد أن قضية الجنوبيين واضحة، وأنه لا يمكن تزوير اقتناعات الشعب الجنوبي. الاحتفال بذكرى «ثورة سبتمبر» الذي أُقيم في منطقة خور مكسر تحت حماية أمنية مشددة، تسبّب في ردود فعل غاضبة من قبل نشطاء «الحراك الجنوبي» الذين هدّدوا بـ«ثورة عارمة لاقتلاع حكومة بن دغر وهادي من عدن». وأفاد القيادي الجنوبي المصعبي، رئيس لجنة التواصل والاتصال لتأسيس مجلس سياسي وطني جنوبي، بأن حكومة بن دغر أخطأت باحتفالها بـ«ثورة سبتمبر» في عدن، ولم تحترم دماء الشهداء في الجنوب، ولمّح إلى أن هناك استعدادات كبرى لـ«الحراك الجنوبي» لاستئناف احتجاجاته السلمية المطالبة بنيل الاستقلال، مشيراً إلى أن سلوك حكومة هادي سيعجّل في توصّل مكوّنات «الحراك» إلى اختيار قياده جنوبية موحدة «لمواصلة النضال الجنوبي وصولاً الى استقلال الجنوب عن الشمال».
من جهة أخرى، واصلت قوات أمنية، يُعتقد أنها تنتمي إلى «الحراك الجنوبي» المطالب بفك الارتباط عن الشمال، والتي يقودها بن بريك، تهجيرها عشرات المواطنين الذين ينحدرون من المحافظات الشمالية، إذ شدد بن بريك، وهو وزير دولة في حكومة بن دغر، الإجراءات على دخول الموالين للحكومة من المحافظات الشمالية إلى عدن خلال الأيام الماضية. وأعلنت قوات «الحزام الأمني»، أول من أمس، في بيان صادر عنها، أنها لن تمنع أي مواطن من أبناء المحافظات الشمالية من دخول مدينة عدن، «إن كان يملك بطاقة شخصية».
وقالت مصادر عمالية في عدن إن قوات ترتدي زيّ الأمن الرسمي أقدمت خلال اليومين الماضيين على تنفيذ حملة دهم وترحيل عشرات العمال من أبناء المحافظات الوسطى «إب ــ تعز»، في أحد أحياء مدينة كريتر القديمة، واقتادتهم بـ«سيارة نقل بضائع» إلى مبنى الأمن السياسي ومن ثم جرى ترحيلهم.