قادماً من مصلّى الإمام الخميني في العاصمة الإيرانية، بعدما أدّى مرشد الجمهورية الإسلامية، السيد علي خامنئي، صلاة الجنازة على جثامين ضحايا حادث تحطم المروحية الرئاسية، حطّ جثمان الرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، أمس، في مدينة بيرجند، الواقعة في محافظة خراسان الجنوبية، وهي آخر محطات التشييع بعد تبريز، ومن ثم قم، فطهران، قبل أن يُوارى في الثرى في مسقط رأسه في مشهد. وبالتوازي، شارك ملايين الإيرانيين في مراسم تشييع المسؤولين الذين كانوا بصحبة رئيسي، ومن أبرزهم وزير الخارجية الراحل حسين أمير عبد اللهيان، وممثل قائد الثورة والجمهورية في ‏محافظة أذربيجان، السيد محمد علي آل هاشم.
لقاءات واتصالات رسمية
وفي سياق ردود الفعل المعزّية برئيسي ورفاقه، أثنى الرئيس السوري، بشار الأسد، على مزايا المسؤولين الإيرانيين الراحلين باعتبارهم «مناضلين ضد الظلم والسياسات الأحادية في العالم ومناصرين للمظلومين في المنطقة»، مؤكداً أنّ محور المقاومة «لن ينسى أبداً» الدعم الذي قدّمته حكومة رئيسي. ولفت الأسد، في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني بالوكالة محمد مخبر، إلى أنّ الراحل يُعد شخصية مؤثّرة مثل قائد قوة القدس الشهيد قاسم سليماني، كاشفاً أنّه سيزور طهران في أقرب فرصة لتقديم واجب العزاء وتمكين العلاقات بين البلدين. ومن جهته، شكر السيد خامنئي، لدى استقباله أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والوفد المرافق له، مشاعر المواساة والتعاطف التي أبدتها قطر إثر هذا الحادث، معتبراً أنه «لا خيار أمام دول المنطقة سوى التآزر والوئام»، فيما أشار أمير قطر إلى متانة العلاقات الإيرانية - القطرية، مؤكداً «أننا لا نضع حدوداً لتعزيز العلاقات مع إيران».
بدوره، رأى وزير الخارجية الإيراني بالوكالة، علي باقري كنّي، على هامش لقاءاته مع الوفود الدبلوماسية الأجنبية القادمة من أكثر من 40 دولة، والتي ضمّت قرابة 90 من كبار القادة والمسؤولين، لتقديم التعازي بالرئيس ورفاقه، أنّ ما شهدته البلاد من حضور رسمي دولي في مراسم التشييع يُعد «ثمرة السياسات النشطة» التي اتّبعها سلفه الراحل عبد اللهيان، مضيفاً أنّ سياسات بلاده الثابتة واستراتيجيتها تؤكّدان مواصلة التعاون الإقليمي من أجل تعزيز الاستقرار وخفض التوتر في المنطقة. وخلال اجتماع مع وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان خيل بينتو، أشاد باقري كنّي، بـ»العلاقات العميقة والاستراتيجية» بين طهران وكراكس، قائلاً: «إننا ملتزمون بكل قوة بتنفيذ الاتفاقيات وتطوير العلاقات التي أكّد عليها الرئيس الشهيد».
أكّد باقري كنّي أنّ سياسة التوجه إلى الجوار «مبدأ أساسي في استراتيجية إيران»


كما أكّد باقري كنّي، بعد لقائه وزير خارجية الإمارات، عبدالله بن زايد، أنّ سياسة التوجه إلى الجوار «مبدأ أساسي في استراتيجية إيران»، معلناً الاستمرار بها. وبدوره، أبدى الوزير الإماراتي، الذي حضر على رأس وفدٍ رسمي ضمّه إلى عدة مسؤولين من أبرزهم رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، علي راشد النعيمي، وسفير الإمارات في طهران، سيف محمد الزعابي، تضامن بلاده مع إيران في هذه الظروف الصعبة، مؤكداً تمسك أبو ظبي بتعزيز العلاقات الإماراتية - الإيرانية.
كذلك، التقى وزير الخارجية الإيراني قيادات من الفصائل الفلسطينية، مجدّداً مواقف إيران الداعمة للشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة حتى إنهاء العدوان، ومشدداً على أنّ «المقاومة ليست شعاراً أو تكتيكاً بل هي مبدأ قائم على ضرورات واقعية». كما أثنى على صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته في وجه العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 7 أشهر، معتبراً أنّه «يكفي المقاومة فخراً إذلال الصهاينة في ساحة المعركة والساحات السياسية والقانونية والدبلوماسية العالمية»، لافتاً إلى أنّ الولايات المتحدة لم تستطع برغم كل أدواتها إنقاذ إسرائيل.

«بلومبيرغ»: مشهد يعكس إخفاقات واشنطن
وفي تعليقها على حجم الحضور الدولي الواسع في مراسم التشييع، والذي شمل مسؤولين من دول حليفة لواشنطن كقطر، والسعودية، والإمارات، والبحرين، فضلاً عن قادة من حركة «طالبان» الأفغانية، عدّت وكالة «بلومبيرغ» ذلك «شهادة على مدى نجاح الجهود التي بذلتها إيران لتخفيف العقوبات الأميركية، وإصلاح العلاقات مع جيرانها». وأضافت الوكالة الأميركية أن قائمة المعزّين بالمسؤولين الإيرانيين الراحلين، سلّطت الضوء على «مدى الجهد الذي بذلته إيران لإصلاح العلاقات مع الدول العربية»، متوقفة عند حضور الرئيس التونسي، قيس سعيّد، المراسم في «أول زيارة لرئيس تونسي إلى إيران منذ الثورة الإسلامية». كما عرّجت على حضور وزراء خارجية من «بلدان عربية كبرى»، كوزيري الخارجية المصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي، واصفة الحدث بـ»النادر». وخلصت إلى أنّ «إيران عملت جاهدةً على إبطال فعالية نظام العقوبات الشامل الذي أعيد فرضه في عهد دونالد ترامب»، مشيرة إلى أنّ «عدة دول في المنطقة أبدت استعدادها للمضي قدماً في ذلك، حتى لو تعارض مع رغبات واشنطن».