بيد أنه خلف الكواليس، يبدو المسؤولون الغربيون أكثر قلقاً من أيّ وقت مضى، على مصير حليفتهم كييف. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، نهاية الشهر الماضي، عن أحد المشاركين في «مؤتمر ميونخ للأمن»، قوله إن «مزاج» النخب الدبلوماسية والأمنية الغربية كان «قاتماً» في المؤتمر، في وقت تُعدّ فيه مثل تلك المناسبات فرصة لـ«التعبير عن الوحدة والعزيمة» في مواجهة التحدّيات. ويذكّر التقرير بأنّ أعضاء الحزب الجمهوري في واشنطن، وبناءً على أوامر من الرئيس السابق، دونالد ترامب، يعرقلون تسليم المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، التي تعاني من «مجاعة» في ما يتعلّق بالذخيرة، مشيراً أيضاً إلى أنه بعد السيطرة على باخموت وأفدييفكا، أصبحت القوات الروسية تضغط في اتجاه مارينكا وروبوتين وكريمينا، في وقت يعجز فيه الدعم الأوروبي عن سدّ «الفجوة» التي تركتها الولايات المتحدة في الإمدادات العسكرية.
واشنطن بقيادة بايدن، طبقاً لمراقبين، ستظلّ تبذل قصارى جهدها لـ«تجنب أيّ صراع مع روسيا»
في المقابل، لا يزال بوتين، «الذي يحتفظ بقدْر كبير من السلطة، على الرغم من الجهود المبذولة لإجبار نظامه على الخضوع»، «يشنّ حملة ترهيب على الغرب». ويشكّك التقرير، مرّة جديدة، في الإستراتيجية التي اتّبعتها، منذ اللحظة الأولى، القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إزاء الحرب الأوكرانية، متسائلاً عن السبب الذي يجعل تلك القوى، التي تمتلك طائرات وبصمة اقتصادية مشتركة بقيمة 60 تريليون يورو - أي ما يفوق روسيا والصين وإيران مجتمعة -، «تتنازل عن زمام المبادرة لروسيا»، وتنحني لها، في حالة دفاعية، في انتظار «الإهانة التالية» من بوتين. وفي محاولة للإجابة على هذا السؤال، يؤكد مسؤولون أمنيون ودبلوماسيون وخبراء من جانبَي الأطلسي، في حديث إلى «بوليتيكو»، أن ذلك يرجع جزئياً إلى أن «مخاوف الرئيس الأميركي جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، الكبيرة، من اندلاع حرب نووية، هي التي حكمت استجابتهما منذ اللحظة الأولى»، ومن خلفهما «استجابة العالم». وبغضّ النظر عن الأسباب التي أوصلت أوكرانيا إلى هذه النقطة، فإن الثابت هو أنه على الرغم من «الاستعراض» الذي تقوم به القوى الغربية، منذ بعض الوقت، سواء من خلال التلويح بانضمام المزيد من الدول إلى «الأطلسي»، أو توسيع المناورات العسكرية بين أعضائه، فإن واشنطن بقيادة بايدن، طبقاً لمراقبين، ستظلّ تبذل قصارى جهدها لـ«تجنب أيّ صراع مع روسيا»، في وقت تتواصل فيه «المعاناة الأوكرانية»، التي من غير المتوقّع أن يغيّر انضمام أيّ دولة إلى «الناتو»، من وطأتها.