مزيد من التآكل لمعسكر تايوان، سيكون بمثابة ضربة أخرى للولايات المتحدة
في المقابل، وعلى رغم استضافتها تساي، بدت الولايات المتحدة حريصة على التخفيف من وقع خطوتها؛ إذ كرّر وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، القول إن رئيسة تايوان «لم تقم بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، بل إن وجودها في هذا البلد مجرّد ترانزيت». ويُضاف إلى ما تَقدّم، أن الاجتماع بين مكارثي وتساي عُقد على الأراضي الأميركية وليس في تايوان، وهو ما يُعتبر خياراً «أقلّ خطورة»، كما وصفته صحيفة «نيويورك تايمز»، فضلاً عن أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، استبق جولة رئيسة تايوان بالاتصال بعضو المكتب السياسي لـ«الحزب الشيوعي الصيني» ومدير الشؤون الخارجية المركزية، وانغ يي، وفق ما أفادت به «بلومبيرغ».
وشملت رحلة تساي إلى أميركا الوسطى، كلّاً من غواتيمالا وبليز، في محاولة لمنع مزيد من الخسارات الديبلوماسية، في أعقاب قرار هندوراس التخلّي عن علاقاتها مع تايوان لمصلحة إقامة صلات مع الصين، والذي سبقتها إليه كلّ من نيكاراغوا، السلفادور، جمهورية الدومينيكان، بنما وكوستاريكا. ويعزو بعض المحلّلين هذا التحوّل، إلى البرامج الاستثمارية والقروض الضخمة التي قدّمتها الصين لهذه الدول، إذ وقّعت هندوراس - مثلاً - اتفاقاً مع شركة «بناء الطاقة الكهرومائية» الصينية، قيمته حوالى 300 مليون دولار، لتشييد سدّ لتوليد الطاقة الكهرومائية. ومن هنا، ثمّة اعتقاد بأن «تايوان ربّما خسرت اللعبة الطويلة في منطقة تخضع بشكل متزايد للنفوذ الصيني»، بحسب موقع "فويس أوف أميركا". ويَعتبر جون تيوفيل دراير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «ميامي» الأميركية، الذي تحدّث إلى الموقع، أن «هذه الدول رمزية. لا أعتقد أن تايوان تريد أن تفقد أيّاً منها. ولكن، إذا كانت الصين ستنغمِس في ديبلوماسية الشيكات، لا أعتقد أن تايوان قادرة على المنافسة». وتبيّن أرقام معهد «السلام الأميركي»، أنه بين عامَي 2005 و2020، «استثمرت الصين أكثر من 130 مليار دولار في أميركا اللاتينية»، بعدما ازداد حجم التبادل التجاري بينها وبين دول تلك المنطقة بشكل كبير، فيما يُتوقع أن يتجاوز الـ700 مليار دولار بحلول عام 2035.
وفي أعقاب قرار هندوراس الأخير، لم يبق لتايوان إلّا 13 شريكاً ديبلوماسياً، نصفهم في أميركا اللاتينية: بليز، غواتيمالا، باراغواي، هايتي، سانت كيتس، نيفيس، سانت لوسيا، سانت فنسنت وجزر غرينادين. ويرى مراقبون أن تمسُّك تلك الدول بعلاقاتها بتايبيه، يعود إلى حسابات اقتصادية مرتبطة بمشاريع استثمارية وتنموية تكون مشروطة من جانب تايوان بالحفاظ على الصِلات معها. مع هذا، تتتالى الخسائر الديبلوماسية التايوانية، إذ نقلت «رويترز» عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن «باراغواي قد تكون الحليف الديبلوماسي التالي الذي ينقلب على تايوان لمصلحة الصين»، خصوصاً في حال فوز المعارضة الباراغوانية في الانتخابات المقرّرة نهاية الشهر الجاري. ورأت أن «مزيداً من التآكل لمعسكر تايوان، سيكون بمثابة ضربة أخرى للولايات المتحدة، وعلامة جديدة على البصمة الصينية المتنامية في جوار واشنطن».