تحوّلت حملة التبرّعات التي أُطلقت مساء الأربعاء تحت شعار «تركيا قلب واحد» إلى عنوان خلاف جديد
وانتقد كريم روتا، رئيس السياسة الاقتصادية لـ«حزب المستقبل»، من جانبه، طريقة جمْع التبرّعات، معتبراً أنه «كان من الأجدى أن تُعلن الحكومة كلفة إعادة الإعمار، ومن ثمّ تَطلب من الناس التبرّع»، مضيفاً أن «التبرّع من مؤسّسات الدولة ليس تبرّعاً»، فيما نبّه الاقتصادي أوغوز ديمير إلى أن «المشكلة الرئيسة هنا هي أن الدولة يجب أن تقوم بواجباتها، لا أن تتبرّع عبر البنوك الرسمية». وفي الإطار نفسه، رأى إبراهيم تشاناقجي، رئيس السياسة المالية في «حزب الديموقراطية والتقدم»، أنه «لا معنى لتبرّع المصرف المركزي وإعادة إرسال الأموال المتبرَّع بها إلى الخزينة من جديد؛ فهو إمّا أن يحسمها من قيمة الأرباح وهذا لم يحصل، أو أن يطبع أوراقاً نقدية جديدة وهذا سيزيد من التضخّم، فضلاً عن أنه لا يمكن طبْع نقود مجّانية للتبرّع إلى جهة معيّنة». ووصفت ألف تشاكير، في صحيفة «قرار»، ما جرى بأنه «استعراض لا حاجة إليه، والدولة ليست شركة إعلانية بل مؤسّسة تدير البلاد»، مشيرةً إلى أن «الحكومة التي لم تُسعف المنكوبين في الوقت المناسب في الأيام الأولى للزلزال، وتركت اللناس تحت الأنقاض، تُحاول عبر حملة التبرّعات إظهار مدى سخائها»، متسائلةً: «أين كانت الدولة عندما كان الناس تحت الأنقاض؟».
وتهكّم يلماز أوزديل من جهته، في صحيفة «سوزجي»، على تبرّعات «المركزي»، راوياً حكاية ساعة يد أُهديت عام 1959 من بنك الزراعة إلى أمين الخزانة، ضياء مؤذن أوغلو، الذي أصرّ على أن تبقى الساعة في دائرة الخزانة على رغم أنها ملكه الشخصي، مٌقارناً ذلك بحادثة حصول زوجة رجب طيب إردوغان، عندما كان الأخير رئيساً للوزراء، على هدية من أحد المحالّ في موسكو، أجاب إردوغان الصحافيين بخصوصها: «أنتم قليلو الأدب وتَنقصكم اللياقات. لقد كتبتم أن سعره 30 ألف دولار بينما هو عشرة آلاف دولار فقط»، قبل أن يأمر بوضع الشال كأحد مقتنيات رئاسة الوزراء تحت رقم واحد، أي أن يُجعل «مُلكاً للأمّة»، علماً أن «أحداً لا يدري أين هو الآن». وعلّق أوزديل على ما تَقدّم بالتساؤل: «كيف يمكن لمؤسّسات مثل المصرف المركزي والبنوك الأخرى أن تتبرّع بالمال كما لو أنه من جَيبها وتتظاهر بأنها فاعلة خير؟»، مضيفاً: «أليست تركيا عبارة عن صورتَين؟»، في إشارة استهزاء بشعار «تركيا قلب واحد». وفي سياق متّصل، انتقد الكاتب طه آقيول، في «قرار»، منْع الكثير من الفنّانين ورجال السياسة وحتى المنكوبين من الظهور في برنامج التبرّعات، ولا سيما المغنّي خلوق ليفينت، صاحب مؤسّسة «أحباب»، مُديناً ضغوط محطّة «سي إن إن تورك» على الإعلامي الناجح جيم سايمان، الذي كان يعمل في المحطّة منذ إنشائها، فقط لأنه كتب تغريدة تنتقد أداء الحكومة، فاضطرّ أمس إلى الاستقالة، واصفاً تلك الممارسات بـ«الإقصائية التي تلغي شعار "تركيا قلب واحد"».
على خطّ موازٍ، وبينما رفض نائب رئيس الجمهورية، فؤاد أوكتاي، مسارعة رئيس بلدية أنقرة المُعارض، منصور ياواش، إلى إعادة إعمار وترميم مطار هاتاي، قائلاً له: «مَن تكون أنت لتقوم بهذا العمل الذي لم تَقُم به الدولة؟»، شنّ وزير الثقافة السابق، فكري صاغلار، هجوماً لاذعاً على إردوغان، معتبراً، في مقالة في صحيفة «بركون»، أن «تركيا لم تتعلّم بعدُ الدرس الذي يقول إننا بحاجة إلى إدارة مستنِدة إلى العلم، وليس كما هو اليوم إلى إدارة من تحالف طوائف». ورأى صاغلار أن «السلطة ليست لديها نوايا حسنة، وتحاول التستّر على شيء. وإلّا لماذا بدأت تزيل الأنقاض من دون البدء بتحقيقات لمعرفة أسباب سقوط الأبنية؟ وإلى أين ستذهب بالردم؟ وما هي التأثيرات التي ستُحدثها المكبّات الجديدة على البيئة والناس»، مضيفاً أن «في تركيا 330 ألف مقاول، بينما في ألمانيا 3500 وفي كلّ أوروبا 25 ألفاً. نحن الأخيرون في كلّ شيء، لكن الأوائل في عدد المقاولين»، متابعاً أن «الحكومة سارعت إلى تهديم المستشفيات والأبنية العامّة الرسمية، فيما حوّلت ما تبقّى إلى مستودعات للجثث بدلاً من أمكنة لمداواة الجرحى». واعتبر أنه «لا نيّة لدى حزب العدالة والتنمية لإيجاد حلول جذرية لمشكلاتنا، فيما كلّ همّ إردوغان ليس معالجة آثار الزلزال، بل كيفية إيجاد مخارج دستورية ليبقى في السلطة، ومن ذلك تأجيل الانتخابات».