هذا الحادث ليس الأول الذي يسجّل فيه تدخل الأقمار الصناعية الأميركية لخدمة الجيش الأوكراني؛ إذ صوّرت هذه الأقمار في مراحل سابقة مدينة بيلغورود الروسية، ومصفاة نفط نوفوشاختينسكي في منطقة روستوف الروسية، وجزيرة زمييني ومنصات استخراج النفط في البحر الأسود، وقد استخدمت القوات الأوكرانية هذه الصور قبل شنّ هجمات على تلك المناطق. لكن مصادر عسكرية روسية تؤكد أن «هيمارس» الأميركي، على رغم أنه سلاح فعال، إلا أنه ليس «السلاح الخارق الذي لا يمكن اعتراضه بتاتاً». وتضيف المصادر إن ما حصل في مقاطعة خيرسون لا يمكن اعتباره اختراقاً وتغييراً دراماتيكياً في توازن القوى وفي مصير الجبهات، لكن المستجد أن القوات الروسية باتت أمام مشكلة تقنية يجب إيجاد حلول لمواجهتها. وتوضح المصادر العسكرية الروسية أن الحل لمواجهة «هيمارس» يتمثّل في استخدام تكتيكين: الأول، استهداف أماكن تموضع تلك المنظومات وإمدادات ذخائرها؛ والثاني عبر تزويد الجبهات بدفاعات جوية أكثر فعالية لمواجهة التحدي المستجد.
«المجزرة» التي وقعت في نوفايا كاخوفكا تقف خلفها بشكل مباشر القوات الأميركية
يأتي ذلك فيما تواصل القيادة الأوكرانية تأكيد سعيها لاستعادة السيطرة على مقاطعة خيرسون، وهو ما فُسّر لدى الخبراء الروس على أنها محاولة لرفع الروح المعنوية للجيش الأوكراني بعد الانتكاسات الأخيرة على جبهات إقليم دونباس. وتشير مصادر مطلعة على تقارير قيادة الأركان الأوكرانية إلى أن عملية استعادة المناطق الجنوبية، وبالتحديد المناطق الواقعة ضمن مقاطعة خيرسون، هي «أمر غير واقعي». وتوضح المصادر أن سكان تلك المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية المباشرة، باتوا يعيشون مرحلة تطبيع أمورهم المعيشية، وإعادة تفعيل منظومات الإدارة المحلية وربطها بالإدارات الروسية الفدرالية المركزية. وتؤكد المصادر أن تقديرات هيئة الأركان الأوكرانية أنه في حال شنّت قواتها هجوماً مضاداً شاملاً واسع النطاق على خيرسون، فإن خسائرها ستكون كبيرة، إذ إن القوات الروسية تمتلك التفوق في الجو والبر. ومن هنا، يذهب محللون إلى أن تصريحات الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، حول استعادة خيرسون، تهدف إلى ابتزاز الغرب بهدف الحصول منه على أموال وإمدادات عسكرية إضافية، في ظلّ سريان حديث عن أن «الشركاء» الغربيين يشترطون عدم زجّ إمداداتهم ومساعداتهم العسكرية في الخطوط الأمامية للجبهات، خشية استيلاء القوات الروسية عليها. كذلك، فإن الجهات الغربية الحليفة لكييف باتت تخشى من بيع إمداداتها من السلاح في السوق السوداء العالمية.
صدام نووي... محتمل
حذّرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، من مخاطر مواجهةٍ بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها. وقالت زاخاروفا إن «واشنطن وحلفاءها، بعدما تسبّبوا في تفاقم الأزمة الأوكرانية، وأطلقوا العنان لمواجهة هجينة شرسة مع روسيا، يتأرجحون اليوم بشكل خطير على حافة مواجهة عسكرية مفتوحة مع بلادنا، وهو ما يعني صراعاً مسلحاً مباشراً للقوى النووية». وأعربت الناطقة عن قلقها من أن مثل هذا الصدام المحتمل سيكون محفوفاً بالتصعيد النووي.