إن لم تتراجع روسيا، وهو المرجّح، فسيكون الاصطفاف الدولي حادّاً جدّاً
لكن ماذا عن اليوم الذي يلي أوكرانيا؟ إن لم تتراجع روسيا، وهو المرجّح، فسيكون الاصطفاف الدولي حادّاً جدّاً، فيما قلّة قليلة من الدول ستكون متموضعة على الحياد، وهو ما لا تستطيعه إسرائيل التي سيكون عليها الاختيار بين تموضعَين: أميركا أو روسيا، في حين أن أيّ تموضع آخر سيكون مضرّاً بالمصالح الأميركية، بما لا يُسمح لإسرائيل بفعله أو الاقتراب منه. إذ إن الحياد الإسرائيلي من شأنه أن يثقب جدار المواجهة الغربي المبنيّ على العقوبات على اختلافها، الأمر الذي ينتظره الجانب الروسي من هذا الحياد، إن تَحقّق، أما أيّ نوع آخر من «الوقوف على التلّ» فسيكون سلبياً، ولا يختلف في جوهره عن الانزياح الكامل إلى أميركا. في المقابل، لن ترضى واشنطن أن تكون تل أبيب عامل إضعاف للحرب الاقتصادية على موسكو، والمرشّحة للاستمرار طويلاً، مهما كان حجم هذا الإضعاف، وهي ستكون معنيّة بإلزام حليفتها بالانخراط الكامل في المقاربة الغربية. وحينها، لن يكون ميزان القرار في تل أبيب مرتبطاً بمصالح أمنية مهما كانت استراتيجية ربطاً بـ«حرية المناورة» في سوريا، بل مبنيّاً على مصلحة وجودية للدولة العبرية نفسها، تتقلّص أيّ فائدة أخرى قبالتها، وهي المتّصلة بعلاقتها مع أميركا والغرب، حيث تموضعها الطبيعي وعلّة وجودها.
قد يكون من المبكر نسبياً إثارة فرضيات كهذه، وإن كانت أرجحيّتها عالية قياساً بأيّ فرضية أخرى. ولعلّ ها هنا مكمن الخشية الإسرائيلية من الاستحقاق الأكبر على خلفية هذه الحرب، والمتمثّل في اضطرارها إلى الاصطفاف ضدّ جارها الجديد في سوريا: الجيش الروسي مع إمكاناته الهائلة.