عزّز الارتياحَ الذي أعقب القمّة إقرارُ الكونغرس الموازنة الدفاعية من دون تضمينها عقوبات على روسيا
بدلاً من ذلك، حذّر بايدن، بوتين، من أن بلاده تُحضّر لعقوبات قاسية لم تُفرَض في عام 2014 بعد استعادة موسكو لجزيرة القرم. وهي عقوبات ستؤثّر، بحسب ما سُرّب في شأنها قُبيل القمّة، على «الدائرة المقرّبة» من بوتين، وستمنع مبادلة الروبل بالدولار واليورو والجنيه، كما قد تطاول أكبر البنوك الروسية وصندوق الاستثمار الروسي. أمّا العقوبة الأقسى، والتي شبّهتها «بلومبرغ» بـ«القنبلة النووية»، فتتمثّل في فصْل روسيا عن نظام الدفع الدولي «SWIFT»، فيما تُناقش الإدارة الأميركية تقييد قدرة المستثمرين على شراء ديون الحكومة الروسية في السوق الثانوية، وحرمان شركات الطاقة الروسية من الوصول إليها. وإزاء تلك التهديدات، دعا بوتين، نظيره الأميركي، إلى «عدم إلقاء المسؤولية على عاتق روسيا»، متّهماً كييف بالوقوف خلف التصعيد الحاصل أخيراً عبر اعتمادها «سلوكاً مدمّراً»، معتبراً أنها تسعى لـ«تفكيك اتفاقات مينسك» المبرَمة عام 2015، والتي يُفترض أن تضع حدّاً للنزاع بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
على رغم كلّ ما تَقدّم، ساد جوّ من الرضى والارتياح بُعيد اتفاق بوتين وبايدن «على الطلب من ممثّليهما بدء مشاورات حول جوهر هذه المواضيع الحسّاسة»، وأبرزها الوضع في أوكرانيا. وعزّز ذلك الارتياحَ، أيضاً، إقرارُ الكونغرس الموازنة الدفاعية في عام 2022، بعدما استبعد منها العقوبات على أنبوب الغاز الروسي «نورد ستريم 2»، و35 كيانا روسياً، ولم يضمّنها عقوبات على ديون روسيا السيادية. ومع هذا، قرّر الكونغرس تخصيص 4 مليارات دولار للاحتواء العسكري لروسيا، مقابل 3.43 مليارات دولار طلبها البيت الأبيض في البداية. وأجمع المحلّلون في موسكو على أن الإجراء المذكور له علاقة بالمفاوضات، فيما عَدّ محلّلون تخصيص 300 مليون دولار لدعم أوكرانيا عسكرياً، إشارة إلى أن «واشنطن لن تقاتل من أجل كييف، ولا تنوي حتى تعديل التوازن العسكري بين أوكرانيا وروسيا».
بناءً عليه، وبالنظر إلى الوضع الحالي للعلاقات الروسية - الأميركية، وفي ظلّ طلبات موسكو وتهديدات واشنطن بشأن أوكرانيا، يمكن القول إن قمّة بوتين - بايدن كانت مفيدة نسبياً، بالنظر إلى أنها ستساهم في التخفيف من حدّة الخطاب المتوتّر، خصوصاً أنه كلّما «طال التزام الدبلوماسيين والسياسيين بالصمت في العلاقات الدولية، زاد الخطر الذي ستُحدثه المدافع بدلاً منهم»، بحسب توصيف الصحافة الروسية.
سباق التسلّح لا يزال قائماً
منذ قمّة فلاديمير بوتين - جو بايدن في حزيران الماضي، وإطلاق الحوار الإستراتيجي بين الجانبين، سارت العلاقات الروسية - الأميركية على خطَّين متوازيَين: تقدّمٌ في مجال الرقابة على انتشار الأسلحة والأمن السيبراني، وفي المقابل تباينٌ حول الأسلحة النووية المتوسّطة المدى، وتسابقٌ على التسلّح بصواريخ أسرع من الصوت، على رغم التوقيع على معاهدة «ستارت 3» حول الأسلحة الاستراتيجية. كذلك، لم يتوصّل الجانبان، بعد، إلى آلية لتبادل السجناء، فيما يستمرّ الطرد المتبادل للدبلوماسيين بينهما، بسبب قيود جديدة فُرضت في واشنطن، ردّت عليها موسكو بالمِثل. وفي هذا الجانب، اقترح بوتين، على بايدن، رفْع كلّ العقوبات التي فُرضت على البعثات الدبلوماسية للبلدين في الأشهر الأخيرة، «ما قد يسمح بتطبيع أوجه أخرى من العلاقات الثنائية».