اقترح الجمهوريون، أول من أمس، حلّاً مؤقّتاً على الديمقراطيين للخروج من المأزق البرلماني، وتجنّب تخلّف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، في حين حذّرت أوساط بورصة وول ستريت، والرئيس جو بايدن، من التداعيات الكارثية المحتملة في حال حدوث ذلك. وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، في بيان، إنه يريد «تجنيب الأميركيين أزمة على المدى القصير، تسبّب بها الديمقراطيون»، بما سيسمح للأخيرين بالموافقة، في أسرع وقت ممكن، على تعليق سقف الدين، حتى كانون الأول. وفي حال الموافقة عليه، سيعطي الاقتراح الجمهوري بعض الوقت للديمقراطيين، الذين تعيق غالبيّتهم الضئيلة جدّاً هامش المناورة التشريعي، لإيجاد حلّ على المدى الأطول. لكن ماكونيل نبّه إلى أن هذا الحلّ يمرّ عبر مسار تشريعي أكثر تعقيداً، ترفض إدارة جو بايدن سلوكه، حتى الآن، على صعيد الديون.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية حدّدت يوم 18 تشرين الأول موعداً لاحتمال بدء تخلّف الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد عالمي، عن سداد ديونها في حال لم يتوصّل الكونغرس إلى قرار بـ«رفع سقف الدين»، أي زيادة قدرة البلاد على الاستدانة. وتضاعفت الضغوط، بشكل واضح في الأيام الأخيرة، على الجمهوريين، ولا سيّما من جانب بايدن، الذي ضعف موقفه إثر الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، ولا يزال يواجه صعوبة في تمرير إصلاحات اقتصادية واجتماعية كبيرة، فيما تُعدّ هذه الكارثة المالية آخر ما يحتاج إليه. ومن هنا، دعا الرئيس، أوّل من أمس، إلى البيت الأبيض حضورياً، وعبر الإنترنت، شخصيات بارزة في أوساط وول ستريت، للتحذير من تداعيات التخلّف عن الدفع، والذي سيشكّل - في حال حدوثه - سابقة في تاريخ الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، قالت رئيسة مصرف «سيتي» جاين فريزر: «إنّنا نلعب بالنار»، في حين حذّر جايمي ديمون، رئيس مصرف «جاي بي مورغن»، وهو من أكثر المصرفيين نفوذاً في الولايات المتحدة، من تداعيات «متعاقبة» قد تنجم عن التخلّف عن السداد. وقال: «العالم يراقبنا»، مذكّراً بالدور الرئيس للعملة الأميركية وسندات الخزينة الأميركية في اقتصاد العالم. أمّا رئيسة بورصة «ناسداك» أديما فريدمان، فرأت أن الأسواق ستتفاعل «بطريقة سلبية للغاية» في حال التخلّف عن الدفع، ما يعرّض للخطر مدّخرات ورواتب التقاعد لملايين الأميركيين.
وردّ البيت الأبيض بفتور على اقتراح الجمهوريين، بينما دعتهم المتحدثة باسمه، جين ساكي، إلى «عدم إرجاء المشاكل»، في حين يمكن التوصّل إلى اتفاق طويل الأمد اعتباراً من الآن. كذلك، حمَل بايدن، مرّة جديدة، على الجمهوريين، داعياً إيّاهم إلى «التوقّف عن لعبة الروليت الروسية» التي تضرّ بالاقتصاد الأميركي وبسمعة الولايات المتحدة المالية. ومن جهته، أعرب زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر عن أمله في التوصّل إلى اتفاق. وقال في الكونغرس بعد حوالى عشر ساعات من مباحثات في الكواليس: «نتقدّم بشكل جيد، لم نصل بعد إلى اتفاق، لكنّنا نأمل تحقيقه».
وسقف الدين العام، هو الحدّ الأقصى قانوناً للمديونية العامّة في الولايات المتحدة، والمحدّد بـ28,4 تريليون دولار. وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، سيتمّ بلوغ هذا الحدّ في 18 تشرين الأول. وعلى رغم أن التاريخ المذكور ليس ثابتاً، إلّا أن وزيرة الخزانة جانيت يلين نبّهت إلى أن «السيولة في البلاد ستكون قليلة جدّاً»، في حال عدم التوصّل إلى حلّ تشريعي. وعندها، ستضطرّ الحكومة إلى اقتطاع كبير في نفقاتها، وربّما أيضاً في أجور الموظّفين الرسميين، أو في المخصّصات الاجتماعية لبعض فئات المجتمع. وتعيش الولايات المتحدة، كما كلّ الاقتصادات الكبيرة تقريباً، على الدين، منذ عقود، في ما يختصّ بالنفقات العامة، وقد رفعت مرّات عدّة سقف الاستدانة. إلّا أنّ الجمهوريين باشروا، منذ رئاسة باراك أوباما، باستخدام هذه المناورة التشريعية الروتينية، أداةً للضغط السياسي.