استفاقت كوبا على احتجاجاتٍ شعبية مناهضة للحكومة، حين تجمّع مئات الشبّان، أوّل من أمس، في شوارع سان أنطونيو دي لوس بانيوس، وفي العاصمة هافانا، احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية التي تمرّ فيها البلاد نتيجة الحصار الأميركي المفروض عليها من جهة، والتداعيات التي خلّفتها الأزمة الوبائية من جهة ثانية.ومنذ رحيل فيديل كاسترو في عام 2012، ومن ثم قرار أخيه راؤول، أخيراً، التنحّي عن الحكم، وتنصيب الرئيس الكوبي الحالي، ميغيل دياز كانيل، أميناً عاماً لـ«الحزب الشيوعي»، شهدت البلاد تحوّلات، من جملتها خروج محتجّين ينادون بشكلٍ مباشر بسقوط النظام، للمرّة الثانية في غضون عام، في ما يمثّل أوّل اختبار فعلي لدياز كانيل.
وتخلَّلت الاحتجاجات، التي وصفتها وسائل الإعلام الغربية بـ«العفوية»، مواجهات مع الشرطة التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذين اعتقلت من بينهم العشرات. وفي مقابل التظاهرات المناهضة للحكومة، دعا الرئيس الكوبي أنصاره إلى الخروج بتظاهرات مضادة، على رغم إبدائه «تفهُّماً» لدوافع قسمٍ من المحتجين، وإقراره «بعدم رضا» الكوبيين، بسبب النقص في الأغذية والأدوية والانقطاع اليومي للكهرباء. لكنّه، في الوقت ذاته، تحدّث عن وجود مَن وصفهم بـ«المرتزقة» في صفوف المتظاهرين، معتبراً أن هؤلاء «معادون للثورة، وتدفع لهم الحكومة الأميركية أموالاً بطريقة غير مباشرة عبر وكالاتها الحكومية، لتنظيم تظاهرات كهذه». وقال دياز كانيل إن «الأمر بالنضال قد صدر. الثوّار إلى الشارع!»، متّهماً «المافيا الكوبية ـــ الأميركية» بالوقوف وراء الاحتجاجات.
أعربت واشنطن عن دعمها حرية التعبير والتجمّع في أنحاء كوبا كافة


وفي واشنطن، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، إن بلاده «تدعم حرية التعبير والتجمّع في أنحاء كوبا كافة، وستدين بشدّة أيّ عنف أو استهداف بحقّ المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقوقهم»، محذّراً من «أيّ استهداف للأشخاص الذين انضمّوا إلى الاحتجاجات». وأشارت النائبة عن فلوريدا، ماريا إلفيرا سالازار، إلى أنه بعد ما يسمى «ماليكونازو» عام 1994، «لم تشهد كوبا احتجاجات شعبية كتلك التي نشهدها اليوم»، معتبرةً أن ما يجري يمكن أن يشكّل «بداية النهاية للنظام الشيوعي في السلطة». من جهته، عبّر الأمين العام لـ«منظمة الدول الأميركية»، لويس ألماغرو، عن دعمه للمحتجين بالقول: «نؤيّد مطلب المجتمع الكوبي المشروع للحصول على أدوية وأغذية وحريات أساسية»، مندّداً بـ«النظام الديكتاتوري الكوبي الذي يقمع مَن يمارسون حقّهم في التظاهر».