تتكثّف الهجمات الأميركية ضدّ الصين، مع اقتراب موعد السباق الرئاسي المرتقب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل؛ إذ بات الملفّ الصيني يشكِّل جزءاً من الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب الذي تشير الاستطلاعات إلى تخلّفه عن خصمه، جو بايدن. آخر تجلّيات تلك الهجمة قرار معاقبة 11 مسؤولاً في هونغ كونغ على خلفية قرار بكين فرض «قانون الأمن القومي» في المستعمرة البريطانية السابقة نهاية حزيران/ يونيو الماضي، فضلاً عن إيفاد واشنطن أرفع مسؤول أميركي إلى تايوان، التي تمثّل بؤرة توتّر دائم في العلاقات بين القوّتَين العظميَين. زيارة الوفد الأميركي لتايوان، برئاسة وزير الصحة والخدمات الإنسانية أليكس عازار، تزامنت مع إعلان الصين، يوم أمس، عقوبات طالت 11 أميركياً، بينهم السناتوران الجمهوريان ماركو روبيو وتيد كروز، ردّاً على خطوة مماثلة اتّخذتها الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، في حقّ مسؤولين صينيين، بمَن فيهم الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ كاري لام، بعدما اتّهمتهم بقمع «الحريات والعمليات الديموقراطية» في الإقليم، معلنةً أنها ستجمّد أيّ أصول لهم لديها. بحسب الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، تُمثّل الخطوة الأميركية «تدخلاً صارخاً في شؤون الصين الداخلية، وانتهاكاً جدّياً للقانون الدولي». وعليه، «قرّرت الصين فرض عقوبات على بعض الأشخاص الذين تصرّفوا بشكل سيّئ في ما يتعلّق بمسائل على صلة بهونغ كونغ».
يُنظر إلى زيارة الوفد الأميركي إلى تايوان على أنها تراعي الخط الأحمر الصيني


وفي زيارة اعتبرتها الصين تهديداً للسلام، أشاد أرفع مسؤول أميركي يزور تايوان منذ قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية بتايبيه عام 1979 واعترفت بسيادة بكين عليها، بالديموقراطية التي تتمتّع بها، ونجاحها في مواجهة وباء «كورونا»،وذلك أثناء لقاء جمعه برئيسة الجزيرة، تساي انغ-وين، يوم أمس. ولدى سؤاله عن غضب الصين حيال هذه الزيارة، قلّل عازار مِن أهمية الأمر، قائلاً: «الرسالة التي أحملها من الحكومة الأميركية هي لتأكيد الشراكة العميقة بين الولايات المتحدة وتايوان في ما يتعلّق بالأمن والتجارة والرعاية الصحية وقيم الديموقراطية والحرية الاقتصادية والحريات المشتركة». مع هذا، يُنظر إلى الزيارة على أنها تراعي الخطّ الأحمر الصيني، إذ لم توفد الولايات المتحدة مسؤولاً معنيّاً بالأمن القومي إلى الجزيرة، وفق دوغلاس بال، الرئيس السابق للمعهد الأميركي في تايوان، والذي يُعدّ بمثابة سفارة واشنطن في الجزيرة بحكم الأمر الواقع. ورغم تطميناته، أشار إلى أن السياق العام مختلف هذه المرّة؛ إذ إن عازار يزور تايوان في ظلّ تدهور جديد في العلاقات بين واشنطن وبكين. وقال إن «اختيارهم عدم إيفاد مستشار للأمن القومي أو شخصية أخرى، يبيّن أنهم يحاولون الاقتراب إلى أقصى حدٍّ ممكن مِن الخط الأحمر الصيني، من دون وجود نيّة لتجاوزه». دلّ على ذلك أيضاً الحذر الذي بيّنه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، والذي نادراً ما يفوّت فرصة للانقضاض على الصين، لدى إشارته إلى جولة وزير الصحة، لافتاً إلى أن «الأمر يتوافق مع السياسات التي كانت معتمدة سابقاً»، وأن المسؤول «سيجري محادثات حول قضايا الصحة العامة» في تايبيه. لكن بال تحدَّث عن إمكان دفع صقور الإدارة الأميركية في اتّجاه اتّخاذ مزيد من الخطوات المستفزّة للصين قبل انتخابات الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، نظراً إلى كون ترامب متأخّراً في الاستطلاعات. وقال: «أنا أرى بمنتهى الوضوح أن الصينيين يدركون هذا الاحتمال وهم يحاولون تجنّب استدراجهم إلى هذا المنحى».