تشكّل إقالة رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ مطلباً رئيساً بالنسبة إلى المحتجين في هذه المدينة، حيث تتواصل تظاهرات مناهضة لبكين، اتّسمت غالباً بالعنف، للشهر الخامس على التوالي. في ضوء ذلك، تتّجه الصين، على ما يبدو، إلى «تنقيح» و«تحسين» آلية اختيار وإقالة الرئيس التنفيذي للإقليم، بما يتلاءم مع مبدأ «دولة واحدة ونظامان» الذي يحكم العلاقة بينها وبين المستعمرة البريطانية السابقة.وشكّلت أزمة هونغ كونغ جانباً مهماً من المناقشات التي دارت في اجتماع اللجنة المركزية لـ«الحزب الشيوعي» الصيني، والذي جرى على مدى أربعة أيام وترأّسه الرئيس الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع في بكين. واتّفق قادة الحزب على «تحسين منظومة الحكم التي تتبعها الحكومة المركزية في المنطقة»، والمحافظة على «ازدهارها واستقرارها طويل الأمد». وفيما لم توضح بكين ما إذا كان «هذا التحسين» سيذهب في اتّجاه ما يطالب به المتظاهرون، أي انتخابات مباشرة بدلاً من التعيين، حذّرت، في المقابل، من أنها لن تتسامح مع «أيّ نشاط» من شأنه تقسيم البلاد أو تهديد الأمن القومي.
تسعى الصين إلى تعزيز الوعي القومي والحسّ الوطني لدى مواطني هونغ كونغ وماكاو


وغداة اجتماع اللجنة المركزية للحزب، قال مدير لجنة القانون الأساس في هونغ كونغ وماكاو، شين شونياو شين، إن بكين تنوي «تحسين آلية انتقاء وإقالة رئيس السلطة التنفيذية وكبار المسؤولين» في هونغ كونغ، من خلال «تطوير نظام السلطة الإدارية المطلقة للحكومة المركزية على المناطق الإدارية الخاصة، بما يتّفق مع القانون الأساس». وبموجب هذا القانون - وهو دستور مصغّر يحكم العلاقة بين هونغ كونغ والبرّ الرئيس - تتمتّع المستعمرة البريطانية السابقة التي عادت إلى بكين في عام 1997 بحكم شبه ذاتي وحريات لا وجود لها في مناطق البرّ الصيني. لكن المنطقة تشهد، منذ مطلع حزيران/ يونيو، تظاهرات شبه يومية تزداد عُنفاً، بدأت على خلفية المطالبة بسحب مشروع قانون يَسمح بتسليم مطلوبين إلى الصين القارية، واتّسعت لتطالب بـ«إصلاحات ديمقراطية»، وبكفّ يد بكين. ومن بين ما يسعى المحتجّون إلى تحصيله، سلطة اختيار رئيس السلطة التنفيذية، أي أعلى مسؤول في المنطقة، بالاقتراع المباشر، في حين أن تعيينه يتمّ عبر هيئة لكبار الناخبين تتألف من 1200 عضو. وفي مسعى لمواجهة الاحتجاجات، قرّرت النخبة في «الحزب الشيوعي» زيادة مستوى الوطنية في التعليم، إذ اعتبر شين أن «علينا تثقيف مجتمعَي هونغ كونغ وماكاو، خصوصاً المسؤولين الحكوميين والمراهقين في شأن الدستور، وتعزيز الوعي القومي والحسّ الوطني لدى مواطني هونغ كونغ وماكاو عبر تعليمهم التاريخ والثقافة الصينيَّين».
ويبدو أن «التحسين» الذي تتحدّث عنه بكين قد يعني مزيداً من الصرامة. إذ أكد شين أن الحزب قرّر «تحسين» نظام القضاء في هونغ كونغ أيضاً، بهدف «حماية الأمن القومي». وفي هذا السياق، رأى الخبير السياسي، ويلي لام، من الجامعة الصينية في هونغ كونغ، أن تصريحات بكين «لا علاقة لها بالديمقراطية»، بل إن الأمر يتعلّق بالنسبة إلى الصين بممارسة «رقابة أكثر صرامة» على هونغ كونغ، والتأكّد من أن المسؤول المحلي المقبل «سينفّذ أوامر بكين بفاعلية أكبر مما حقّقت كاري لام». وتفيد تقارير إعلامية بأن أيام هذه الأخيرة على رأس الإقليم، تبدو معدودة، في حين تنفي بكين ذلك.