تتواصل الأزمة الداخلية الإسرائيلية بلا أفق حلّ متاح ضمن الظرف الحالي
تتجمّع جملة أسباب تمنع رئيس حزب «أزرق أبيض» من تشكيل ائتلاف حكومي من 61 عضواً، من بينها ما يرتبط بحزبه هو، وأخرى ترتبط بكتلته الوسطية - اليسارية، وأيضاً موقف الكتلة اليمينية التي يُرجّح أن تبقى متراصة خلف نتنياهو، على رغم الإعلان عن فشل الأخير في تشكيل الحكومة. ويقود غانتس كتلة مؤلفة من 54 عضواً من الوسط واليسار وأحزاب فلسطينيي الـ48، وهي على الشكل الآتي: «أزرق أبيض» 33 عضواً، «العمل - غيشر» 6 أعضاء، «المعسكر الديمقراطي» 5 أعضاء، «القائمة العربية المشتركة» 13 عضواً، أعلن عشرة منهم تسمية غانتس. هذه الكتلة، مع احتساب الأعضاء العرب، يصل عدادها إلى 57، أي إنه ينقصها أربعة أصوات لتأمين الثقة في «الكنيست»، فضلاً عن أن غانتس نفسه، ومكوّنات من حزبه، وكذلك من شركائه في كتلة الوسط - اليسار، يرفضون «عار» المشاركة في حكومة تستند إلى أعضاء «كنيست» من الفلسطينيين.
وحتى مع تجاوز هذا المانع، لا تحوز الكتلة 61 عضواً، ما يفرض التوجه إلى حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان (7 أعضاء)، الذي يرفض بشكل مطلق ائتلافاً مع «القائمة العربية المشتركة»، التي يستحيل من دونها استحصال غانتس على الأغلبية المطلوبة. أما فرضية حكومة وحدة مع «الليكود»، فهي تعيد مركّبات المشهد السابق، والتي أدت إلى فشل نتنياهو، إلى الضوء من جديد، وفي أساسها: إمساك نتنياهو بحزب «الليكود» على رغم وجود معارضة داخلية يتعذر عليها إعلان اعتراضها حتى الآن، والتزامه تجاه الأحزاب الدينية التي يرفض التخلي عنها، فضلاً عن أنه لا يرضى بأيّ تسوية لا تقوم على تناوب على رئاسة الحكومة، على أن يكون هو أولاً، بما يؤمّن له الانفلات من الملاحقة القضائية عامين متواصلين.
تتواصل الأزمة الداخلية الإسرائيلية بلا أفق حلّ متاح ضمن الظرف الحالي وفي ضوء توزع القوى السياسية وتموضعاتها، والتي بات يتداخل فيها العام مع الخاص، والمصلحة الجامعة مع المصلحة الفردية، وهي جزء من أزمة أكبر لا تقتصر فقط على نتيجة انتخابات جاءت متقاربة بين المعسكرات، بل على أسس ترتبط بانقسام المجتمع الإسرائيلي نفسه ما بين «بلوكات» باتت واسعة. اتساعٌ لا يبقي لـ«البلوك الأكبر»، العلماني، مرونة كبيرة، خاصة في ظلّ الانقسام في داخله على أسس مصالح شخصية، كما هو الآن بين مؤيد لنتنياهو ومعارض له، والذي يُرجّح استمراره في الانتخابات الثالثة المبكرة في حال وقوعها.