وسط تزايد التوترات بين أوكرانيا وروسيا، أعلن الرئيس الأوكراني، بترو بوروشينكو، استدعاء قوات الاحتياط، قائلاً إن «البلاد تحتاج إلى تعزيز دفاعاتها في مواجهة التهديد الروسي». وأشار إلى أن قوات الاحتياط ستخضع للتدريب في إطار الأحكام العرفية، مؤكداً إعادة نشر بعض الوحدات العسكرية. ولم يكتفِ بوروشينكو بالتصعيد العسكري، بل ذهب أيضاً نحو التصعيد الكلامي، إذ قال في حديثٍ متلفز أمس، لقناة «ICTV» الأوكرانية، إن «موسكو الآن في عزلة تامة. هذه نتيجة تنسيقنا الدولي الشامل. لكنني أؤكد أننا سندافع عن بلدنا بأنفسنا». ووصف الرئيس الأوكراني بلاده بأنها «لاعب نشط في العالم، ولديها حلفاء موثوق بهم»، مضيفاً أن «نجاح موقفنا الدولي واضح تماماً. واليوم، يجري التنسيق على الفور. وتشارك أوكرانيا بفعالية في جميع منتديات المنابر الدولية، وقد شكلنا ائتلافاً عالمياً قوياً لدعم كييف».روسيا، من جانبها، قلّلت من أهمية الإعلان الأوكراني، واصفةً إياه بـ«المحاولة العبثية لتأجيج التوترات». وقال الكرملين إن «الاتهامات ضد روسيا ليس لها أي أساس على الإطلاق»، مؤكداً من جهة أخرى أن «المزاعم الأوكرانية بأن روسيا تمنع المرور إلى بحر آزوف من موانئ أوكرانيا وإليها خاطئة». وشدد على أن «الملاحة مستمرّة طبيعياً، ما عدا الانقطاعات أحياناً بسبب سوء الأحوال الجوية»، وهو الأمر نفسه الذي أعلنته كييف، إذ أفادت بأن روسيا بدأت السماح لبعض السفن بدخول الموانئ الأوكرانية في بحر آزوف، في مؤشر على تراجع حدة التوتر في المنطقة.
وقال وزير البنى التحتية الأوكراني فولوديمير أوميلان، إنه «رُفع الحظر جزئياً عن ميناءَي برديانسك وماريوبول» الأوكرانيين الرئيسيين على بحر آزوف، اللذين يُعَدّ تواصل العمل فيهما مهماً للغاية بالنسبة إلى صادرات البلاد. ونقل بيان للوزارة عن أوميلان قوله إن «السفن تصل وتغادر عبر مضيق كيرتش باتجاه الموانئ الأوكرانية... عادت الحركة جزئياً». لكنه أشار إلى وجود 17 سفينة لا تزال تنتظر دخول بحر آزوف وواحدة تنتظر المغادرة. وأعرب الوزير عن أمله في رفع الحظر عن الموانئ بشكل كامل وإطلاق سراح البحارة خلال الأيام المقبلة. ورغم أن حلف «شمال الأطلسي» (الناتو) أعلن الأسبوع الماضي أن سفنه الحربية تقوم بمناورات ودوريات «روتينية» في مياه البحر الأسود، فإن الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، رفض التعهد بأي دعم إضافي لكييف، وطالب ستولتنبرغ روسيا بإنهاء مواجهتها البحرية مع أوكرانيا، الأمر الذي يدل على أن الحلف يسعى إلى تجنب تصعيد الأزمة، على عكس أوكرانيا.
دهمت قوات الأمن الأوكرانية ثلاث كنائس تابعة لبطريركية موسكو


رغم ذلك، أكد وزراء خارجية دول الحلف عزم «الناتو» على الحفاظ على وجوده العسكري في البحر الأسود «رداً على تصرفات روسيا»، وفق ستولتنبيرغ. وفي ختام اللقاء الذي عقد في بروكسل، بمشاركة كل من جورجيا وأوكرانيا، قال ستولتنبيرغ: «لقاء اليوم مع الحلفاء أعطى رسالة واضحة بشأن مواصلة تقديم الدعم العملي لأوكرانيا، وكذلك بشأن الحفاظ على وجودنا في منطقة البحر الأسود». واتهم روسيا باستخدام شبه جزيرة القرم لبسط السيطرة المطلقة على بحر آزوف، داعياً إياها إلى الإفراج عن السفن الأوكرانية وطواقمها بصورة فورية وضمان حرية الملاحة في المنطقة وتوفير الوصول إلى الموانئ الأوكرانية دون عوائق. وفي عرضه لرؤية الحلف العامة لعلاقاته مع روسيا، قال ستولتنبيرغ إن الحلف يقر بأهمية مواصلة الحوار مع موسكو وبقاء قنوات الاتصال العسكرية معها مفتوحة، لمنع وقوع حوادث. مع ذلك، فقد شدد الأمين العام على أن سياسة الحلف تجاه موسكو «ستبقى كما كانت في السابق ما لم تظهر في تصرفات روسيا تغيرات إيجابية، وخاصة في تعاملها مع أوكرانيا».
إلى ذلك، دهمت قوات الأمن الأوكرانية ثلاث كنائس أرثوذكسية تابعة لبطريركية موسكو ومنازل كهنة في وسط شمال أوكرانيا على خلفية النزاع السياسي مع روسيا. وقالت المتحدثة باسم الشرطة الإقليمية آلا فاشتشينكو إن «الشرطة وعناصر في الأجهزة الأمنية نفذوا مداهمات في ثمانية مقارّ، منها مسكنان تابعان لعدة أبرشيات من هذه الطائفة». وأضافت أن هذه الإجراءات نفذت في إطار تحقيق قضائي «لانتهاك المساواة بين المواطنين»، وفقاً «لطائفتهم الدينية»، وتابعت بأن «أحداً لم يعتقل». وكانت بطريركية القسطنطينية قد قرّرت منتصف تشرين الأول/أكتوبر الاعتراف بكنيسة أرثوذكسية مستقلّة في أوكرانيا، منهية بذلك 332 عاماً من الوصاية الدينية لموسكو، ومثيرة أسئلة عن مستقبل ملايين المؤمنين في هذا البلد حيث تحظى الكنيسة الروسية بنفوذ واسع النطاق.