غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1»، توالت ردود الفعل الدولية، التي كان من أبرزها تلك الصادرة عن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، خصوصاً أنها ستعاني من العقوبات الأميركية التي ستُفرض، بسبب الاستثمارات التي بدأت بها شركاتها في الداخل الإيراني. في هذا السياق، دعت هذه الدول إلى العمل على الحفاظ على الاتفاق، فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أنه سيلتقي الاثنين المقبل، إلى جانب نظيريه من بريطانيا وألمانيا ممثلين عن إيران للتباحث في سبل الحفاظ على الاتفاق النووي. ولكن على الجانب الإيراني كان هناك تشكيك بالمساعي الأوروبية، الأمر الذي عبّر عنه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي، معتبراً أنه لا يمكن الثقة بالدول الأوروبية.أما مجمل ردود الفعل، فقد جاءت كما يلي:

أوروبياً:
خلال اتصال هاتفي بينهما، اتفق الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني حسن روحاني على «مواصلة عملهما المشترك باتجاه كل الدول المعنية، للمضي قدماً في تطبيق الاتفاق النووي والحفاظ على الاستقرار الإقليمي».
لاحقاً، وصف ماكرون قرار نظيره الأميركي بـ«الخطأ». وقال، في مقابلة مع التلفزيون الألماني الحكومي تم بث مقاطع منها: «أنا آسف لقرار الرئيس الأميركي، أعتقد بأنّه خطأ، لذلك قررنا نحن الأوروبيين البقاء ملتزمين باتفاق العام 2015».
لندن من جهتها، دعت الولايات المتحدة إلى عدم إعاقة الآخرين عن تطبيق الاتفاق النووي مع إيران. وقال وزير خارجيتها، بوريس جونسون، أمام البرلمان البريطاني، إنّ بريطانيا ستبقى ملتزمة بالاتفاق طالما هو «حيوي» لأمنها القومي.
يأتي ذلك انسجاماً مع تعهّد القادة الأوروبيون والصين، العمل على إنقاذ الاتفاق وحماية الشركات التي تعمل في إيران عقب إعلان ترامب، خصوصاً بعدما حذّر، مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، الشركات الأوروبية التي لديها مصالح في إيران، ممهلاً إياها ستة أشهر لإنهاء استثماراتها أو مواجهة عقوبات أميركية. ذلك استدعى رداً من جونسون، إذ طالب هذا الأخير الإدارة الأميركية بـ«تحديد رؤيتها (الآن) للمضي قدماً»، مؤكداً أنّ بريطانيا «ستبذل جهوداً حثيثة للمحافظة على المكاسب التي حقّقتها» من الاتفاق.
مواقف منسجمة
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: «هذا الاتفاق لم يمت. هناك انسحاب أميركي من الاتفاق، لكنه ما زال موجوداً»
وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير: «من غير المقبول أن تضع الولايات المتحدة نفسها في مكانة شرطي اقتصادي للعالم»
وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: «من غير الواضح على الإطلاق ما هو التصور التي تراه الولايات المتحدة بديلاً للاتفاق الذي يمنع إيران من تطوير أسلحة نووية ويضمن القدرة على التحقق من التزامها»
الاتحاد الأوروبي: «رفع العقوبات المتعلقة بالشؤون النووية جزء ضروري من الاتفاق، يؤكد الاتحاد الأوروبي التزامه بضمان استمرار هذا»
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «أوروبا ستقوم بكل ما يلزم لإبقاء إيران في الاتفاق النووي»

إيرانياً:
المرشد الأعلى السيد علي خامنئي: «يُقال إنّنا سنواصل مع ثلاثة بلدان أوروبيّة. لستُ واثقاً بهذه البلدان الثلاثة أيضاً، إذا أردتم عقد اتفاق فلنحصل على ضمانات عمليّة وإلا فإن هؤلاء سيقومون جميعاً بما فعلته أميركا. إذا لم تتمكّنوا من أخذ ضمانات حتميّة، فلن يكون مقدوراً مواصلة السير ضمن الاتفاق النووي». «سمعتم الليلة الماضية رئيس أميركا يدلي بتصريحات سخيفة وسطحية. لقد كذب أكثر من عشر مرات في تصريحاته وهدد النظام والشعب، قائلاً سأفعل هذا وذاك. يا سيد ترامب، أقول لك بالنيابة عن الشعب الإيراني: لقد ارتكبت خطأ». واعتبر خامنئي أنّ «سبب معارضة أميركا لنظام الجمهورية الإسلامية، هو أن أميركا كانت مهيمنة بشكل كامل وقامت الثورة الإسلامية بتحجيمها». وقال: «يريدون حكاماً في الدول ليأخذوا أموالهم وينفذوا أوامرهم، ومن ثم تبديلهم متى أرادوا، مثل الحالة الموجودة في دول الخليج، كعبد ذليل لأميركا»
رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني: «ترامب ليس لديه القدرة العقلية للتعامل مع الأمور»
البرلمان الإيراني سيصوت على مشروع قرار يدعو الحكومة إلى رد «متناسب ومتبادل» بعد قرار أميركا الانسحاب من الاتفاق النووي
قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري: «من الواضح أن الأوروبيين غير قادرين على اتخاذ قرار مستقل بين إيران وأميركا وأنهم مرتبطون بأميركا، مصير الاتفاق الإيراني واضح»
قائد الجيش عبد الرحيم موسوي: «أكبر ضرر تسبب فيه الاتفاق الإيراني هو إضفاء الشرعية على أميركا والجلوس معها إلى طاولة التفاوض»
سيصوّت البرلمان الإيراني على مشروع قرار يدعو الحكومة إلى رد «متناسب ومتبادل» (أ ف ب )

دولياً:
الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران ملتزمة «بتعهداتها المرتبطة بالملف النووي» بموجب الاتفاق
المتحدث باسم الخارجية الصينية جينغ شوانغ: بكين تدعو «كل الأطراف إلى التحلّي بالمسؤولية» من أجل «العودة في أسرع وقت» إلى احترام نص «يساهم في حفظ السلام في الشرق الأوسط»
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: ذكر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لوكالة أنباء «ريا نوفوستي»، أنّ بوتين أعرب لمجلس الأمن القومي عن «قلقه البالغ حيال هذا القرار، وأكّد مجدداً أهمية هذه الوثيقة»
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: روسيا ستظل ملتزمة بالاتفاق النووي مع إيران
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: «الولايات المتحدة ستكون الخاسرة إذا لم تلتزم اتفاقاً وقعته»

عربياً:
وزارة الخارجية المصرية: «تؤكّد مصر أهمية مشاركة الأطراف العربية المعنية في أي حوار حول مستقبل الأوضاع في المنطقة، وبصفة خاصة المرتبط باحتمالات تعديل الاتفاق النووي مع إيران». وأضافت الوزارة أن على إيران الوفاء بالتزاماتها الكاملة، وفقاً لمعاهدة عدم الانتشار النووي «بما يضمن استمرار وضعيتها كدولة غير حائزة للسلاح النووي»
العراق: قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد محجوب، إن الوزارة «تتابع باهتمام بالغ التطورات الأخيرة والخطيرة بخصوص قرار الرئيس ترامب، معتبراً أنّ «موقف الرئيس الأميركي المتعجل وغير المحسوب (...) يصب لمصلحة التصعيد الذي لن يجني منه أحد غير الدمار وويلات الحروب». ودعا «جميع الأطراف لبذل ما في وسعها لتحاشي التداعيات المُحتملة (للقرار)، وبقاء الدول الخمس الأخرى في المجموعة على موقفها المعتدل»
الأردن: قال وزير الدولة لشؤون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، إن «موقف الأردن التاريخي والواضح هو دعم جميع الجهود والمبادرات الدوليّة، لإنهاء انتشار الأسلحة النوويّة وأسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع؛ بما في ذلك جهود الولايات المتحدة الأميركيّة في هذا المجال». وأكد ضرورة «استجابة إيران لدعوات التفاوض التي دعا إليها الرئيس الأميركي، واستدامة الحوار، والتعاون مع جميع الأطراف من أجل إخلاء المنطقة من أسلحة الدّمار الشامل، والوصول إلى تفاهمات تمنع خطر انتشار الأسلحة النوويّة، وتوقف سباق التسلح الذي يهدّد العالم بأسره»
الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط: «هناك حاجة لمراجعة اتفاق خطة العمل المشتركة التي أبرمتها قوى دولية مع إيران لمراقبة أدائها النووي». «حتي بدون البعد النووي، تتبع (إيران) سياسات نعترض عليها لأنها تستند إلى الإمساك بأوراق عربية في مواجهتها مع الغرب»

مباركون وحذرون
سارعت كل من السعودية والإمارات والبحرين إلى تأييد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران. الرياض رحبت على الفور بإعلان ترامب وأيدته، وقالت وزارة الخارجية السعودية على حسابها في «تويتر»: «طهران استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، خصوصاً من خلال تطوير صواريخها الباليستية ودعهما الجماعات الإرهابية بما في ذلك حزب الله وميليشيات الحوثي» في لبنان واليمن.
من جهة أخرى، جاء ردّ فعل سلطنة عمان، حذراً. وقالت وزارة الخارجية العمانية إنّ خيار المواجهة ليس في مصلحة أحد.
الحذر طغى أيضاً على موقِفي الكويت وقطر. «الأولوية الأساسية»، بالنسبة إلى قطر، «هي إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي وتجنيب دخول القوى الإقليمية في سباق تسلح نووي لا تحمد عقباه». وبحسب بيان وزارة الخارجية: «دولة قطر تثمّن جهود جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين وشركاء الاتفاق الذين يسعون لنزع فتيل أي تصعيد محتمل والذين يسعون لحلول تضمن إخلاء المنطقة مِن السلاح النووي». وتابع: «إن من مصلحة جميع الأطراف ضبط النفس ومحاولة تسوية الخلافات القائمة من خلال الحوار».
الموقف الكويتي عبرت «الخارجية» بالقول إن الكويت دعمت الاتفاق الدولي المبرم في 2015 حول النووي الإيراني على رغم تحفظات بعض دول المنطقة. أضافت: «إن كانت الولايات المتحدة قد اقترحت بعض التعديلات التي لم يتم اعتمادها وقررت اتخاذ موقف من ذلك الاتفاق، فإن دولة الكويت تحترم وتتفهّم هذا الموقف الأميركي خاصة». وتابع: «نحن نسعى جميعاً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة»، مؤكداً «موقف دولة الكويت الثابت والداعي لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل».

إغراق السوق بالنفط؟
أعلنت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، أنّها ستتخذ كافة الإجراءات الضرورية لمنع تراجع إمدادات النفط بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي. وذكرت وزارة الطاقة السعودية، في بيان مساء أمس، أن «المملكة ستعمل مع كبار المنتجين والمستهلكين داخل أوبك وخارجها للحد من آثار أي نقص في الإمدادات». كما أكّدت أنها «ملتزمة بدعم استقرار الأسواق البترولية لما فيه مصلحة المنتجين والمستهلكين واستدامة النمو في الاقتصاد العالمي».
يأتي ذلك في ظل ارتفاع أسعار النفط بعد قرار ترامب، إذ ارتفع خام برنت 2,4 في المئة ليصل إلى أعلى من 76,5 دولار للبرميل، فيما تجاوز الخام الأميركي حاجز الـ70 دولاراً صباح اليوم.
في غضون ذلك، تراجعت بورصة دبي، اليوم، بنسبة 2 في المئة تحسّباً لإعادة فرض عقوبات على إيران. ودبي هي الأكثر عرضة للمشكلات الاقتصادية التي قد تواجهها إيران لأنها تقيم علاقات تجارية متينة مع طهران.

الضرر يظهر... لدى الشركات الغربية
أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، أنه «سيتم إلغاء تراخيص بوينغ وإيرباص، فبموجب الاتفاق الأصلي كانت هناك إعفاءات للطائرات التجارية والمكونات والخدمات، وستُلغى التراخيص القائمة». أما الإليزيه، فقد أفاد بأن «من المؤكد أننا سنبذل كل شيء في ما يتعلق بشركاتنا لحماية مصالحها»
في غضون ذلك، تراجعت أسهم الشركات الفرنسية التي تربطها علاقات عمل مع إيران، مثل «بيجو سيتروين» لصناعة السيارات و«إيرباص» للطائرات، الأمر الذي ينطبق على شركات أخرى:
انخفضت أسهم «بيجو» 1.5 في المئة في المعاملات المُبكرة، فيما انخفض سهم منافستها «رينو»، التي تعمل في إيران أيضاً، 0.3 في المئة. وانخفض سهم «إيرباص» 1.1 في المئة
قد يتسبب قرار ترامب في توقف مشروع غاز بمليارات الدولارات لشركة «توتال» في إيران، ما لم تحصل شركة النفط الفرنسية العملاقة على إعفاء من العقوبات
قد يحدّ قرار ترامب من قدرة شركة الاتصالات الجنوب أفريقية «ام تي ان» على تحويل الأموال من وحدتها «إيرانسل»، وفق بيان للشركة