خلال مثوله الأول الذي كان يُنتظر بترقّبٍ شديد، واجه الرئيس التنفيذي لشركة «فايسبوك» مارك زوكربرغ، على مدى خمس ساعات، أسئلة كثيرة طرحها أعضاء في لجنتي التجارة والعدالة في مجلس الشيوخ، بشأن إدارته لمشكلة سوء استخدام منصته ولمسألة حماية البيانات الشخصية، وصولاً إلى التلاعب السياسي. بيد أن جلسة الاستماع العلنية، التي تخلّلها اعتذار زوكربرغ عن قصوره في إدراك إلى أي حد يمكن التلاعب بـ«فايسبوك»، أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي مع تحوّل أجوائها إلى مادة دسمة للسخرية ولسبك النكات.في البداية، تصدّرت موقع «تويتر» تغريدات ساخرة من تعابير وجه زوكربرغ، التي كانت تشي بعدم ارتياحه، بحيث شبّهها البعض بشخصية «داتا» في سلسلة الحلقات التلفزيونية «Star Trek».
لاحقاً، سخر البعض الآخر من الكرسي الذي خُصص لزوكربرغ، ومن طريقة جلوسه عليه؛ إذ إن الأخير كان يجلس على وسادة وضعت له خصيصاً، واعتبرها بعض النشطاء إشارة إلى أنه كان مستعداً لجلسة ساخنة ستستغرق وقتاً طويلاً.


ملامح ارتياب؟
بالفعل، جاءت توقعات رواد مواقع التواصل الاجتماعي في محلّها، إذ شهدت الجلسة مفاجأت كبيرة تتعلّق بثغرات فاضحة في «فايسبوك»، تلك التي أدت إلى تسريب بيانات أكثر من 87 مليون مستخدم لشركة «كامبريدج أناليتكا» البريطانية للاستشارات السياسية، بهدف التأثير في الرأي العام في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 لمصلحة دونالد ترامب.
وخلال الجلسة، بدا على زوكربرغ عدم الارتياح وفشل في الرد على عدد من الأسئلة التي وجّهت إليه من قبل أعضاء الكونغرس، وعلى رأسهم السيناتور الأميركي الشهير، تيد كروز، الذي كان حريصاً على مقاطعته مراتٍ عدة. وفي الوقت الذي استطاع فيه الملياردير الأميركي الشاب الرد بشكلٍ مفصل على الأسئلة، ظهرت على ملامحه في مرات عدة مؤشرات عن عدم فهم، لا بل نفاد صبر حيال البرلمانيين، الذين أبدى بعضهم عدم إلمام بالرهانات التكنولوجية في النقاش الدائر. وهو موقف «هزلي» آخر، وظّفه رواد «تويتر» للسخرية من أسئلة بعض المشرّعين، لعل أبرزها أسئلة رئيس اللجنة القضائية السيناتور تشاك غراسلي التي أوحت بجهل تام في ما يتعلّق باستخدامات «فايسبوك» وطرق اشتغاله.
وتأتي شهادة زوكربرج أمام الكونغرس، أمس، في أول ظهور له في الـ«كابيوتل هيل»، على أن تستمر اليوم في جلسة استماع أخرى.

أبرز الملاحظات على شهادة زوكربرغ أمام الكونغرس:
ظهر زوكربرغ محاطاً بمجموعة من أبرز التنفيذيين القانونيين والسياسيين في الشركة، وبدا مُدرّباً على الرد على الأسئلة بشكلٍ جيّد ومتوقع في معظمها، وحاول خلال شهادته تكرار مهمة الشركة في جعل العالم أفضل، من خلال تحسين التواصل. إلا أن الكثير من البرلمانيين أعربوا عن «تشكيكهم» أمام أجوبة زوكربرغ، الذي رد في مرات عدة بالقول «لا أعرف».
ركزت العديد من الأسئلة على فضيحة «كامبريدج أنالتيكا» وعلى مدى معرفة الشركة باستغلالها بيانات المستخدمين، وما هي الخطوات التي ستتخذها الشركة لضمان عدم استغلال شركات الأخرى البيانات؟ في الرد، أكد زوكربرغ أن «فايسبوك» ستحقق في عشرات الآلاف من التطبيقات، وإذا وجدت أي نشاط مشبوه، ستقوم الشركة بتدقيق شامل لفهم كفية استخدامهم للبيانات، وإذا اتضح استخدامها بشكل خاطئ، ستحظرهم على الفور وتبلّغ المتضررين.
فيما سأل السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، تيد كروز، زوكربرغ عن دوره في تعامل «فايسبوك» مع وسائل الإعلام، بحث أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون رد الشركة العملاقة على التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية 2016.
خلال الجسلة، سأله السيناتور الديموقراطي عن ولاية إلينوي، ريتشارد جي دوربن، عمّا إذا كان يمكنه الكشف عن اسم الفندق الذي أقام به الليلة الماضية، أو الكشف عن أسماء الأشخاص الذين تواصل معهم هذا الأسبوع، رد زوركبرغ بـ«لا، لا أفضّل أن أشارك ذلك». السيناتور رد بتأكيد حق زوكربرغ «في الخصوصية وحق كل مواطن أميركي آخر»، وذلك في إشارة إلى مشكلة الخصوصية المُخترقة على «فايسبوك».
بسؤاله عن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، من خلال استغلال الإعلانات عبر «فايسبوك»، قال زوكربرغ إنه يَعدُ بأن تكون هناك مواجهة أفضل في الانتخابات التي تجري في دول مختلفة خلال هذا العام 2018.
قال زوكربرغ إنه لم يتم التحقيق معه من قبل لجنة مولر، التي تحقّق في التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية، لكنه أكد أن فريق عمل الشركة تعاون مع اللجنة، وأكد أن الشركة تعمل الآن على تطوير أدوات جديدة لتحديد الحسابات المزيفة.
في سؤال آخر من أحد أعضاء الكونغرس: هل البيانات التي حصلت عليها «كامبريدج أناليتكا» مخزّنة في روسيا؟ قال زوكربرغ إنه لا يعرف، لكنهم يتحقّقون من ذلك وسيقومون بإجراءات قانونية ضد الشركة إذا لزم الأمر.
سألت السيناتور كمالا هاريس عن خداع «فايسبوك» للمستخدمين، وضغطت على زوكربرغ بشأن تعمّد الشركة عدم إبلاغ المستخدمين الذين تعرضوا لاستغلال البيانات من قبل «كامبريدج أناليتكا»، وذلك عند معرفتها ذلك في عام 2015. اعترف الرئيس التنفيذي لـ«فايسبوك» بخطأ الشركة في ذلك.
سأل أحد أعضاء الكونغرس: هل يمكن لـ«فايسبوك» التعهد بإزالة خطاب الكراهية خلال 24 ساعة؟ رد زوكربرغ بـ«نعم».
رداً على سؤال من أحد أعضاء الكونغرس عمّا إذا كان يعتقد أن قوانين الخصوصية الأوروبية المطبقة أخيراً، يجب أن تطبق في الولايات المتحدة؟ لم يجب زوكربرغ بنعم، لكنه قال إن الأمر مختلف في أميركا!
ركز السيناتور الديموقراطي، ديان فاينشتاين، في سؤاله عن استغلال روسيا «فايسبوك» خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، واعترف زوكربرغ بأن جهود الشركة لإيقاف التدخل الروسي كانت «بطيئة»، ووصف هذا الفشل بكونه أحد أكثر الأشياء التي يأسف لها، وأضاف أن «فايسبوك» تتبعت مجموعات القرصنة الروسية، لكنها استغرقت وقتاً طويلاً في ذلك.
وجه السيناتور عن ولاية كارولينا، ليندسي غراهام، أحد أصعب الأسئلة خلال الجلسة، حيث سأل زوكربرغ عن احتكار «فايسبوك»، وطلب منه خيارات أخرى للمستخدمين إذا شعروا بالإحباط. وفي حين قارن غراهام الأمر مع قطاع السيارات حيث يمكن للمستهلكين الانتقال من «فورد» إلى «شيفروليه» إذا أرادو، أصرّ زوكربرغ على أنه في حالة «فايسبوك»، فإن الأمر أكثر تعقيداً، باعتبار أن الأخير يواجه منافسة من مجموعة متنوعة من التطبيقات.