بعد يوم على هجوم مدينة روان، لم تخفت حدة التصريحات السياسية، وخصوصا لدى المعارضة اليمينية التي أثارت انتقادات لاذعة للأداء الأمني للحكومة الفرنسية، فيما اتخذت المسألة طابعا دينيا لدى قسم من اليمين المتطرف.الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، عبّر يوم أمس، عن تضامنه مع الزعماء الدينيين في فرنسا خلال لقاء معهم في أعقاب مقتل الكاهن الكاثوليكي، تضمن ممثلين عن الطوائف المسيحية واليهود والمسلمين والبوذيين. وقال مطران باريس، الكاردينال أندريه فان تروا، للصحافيين بعد الاجتماع، إنه «لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى سياسة داعش الذي يسعى إلى الوقيعة بين الطفل وأخيه».
كذلك، استنكر عميد مسجد باريس، دليل بوبكر، «باسم مسلمي فرنسا» الاعتداء الذي وصفه بأنه «انتهاك للحرمات ومخالف لكل تعاليم ديننا». كما علق البابا فرنسيس على سلسلة الهجمات الأخيرة بقوله إنها تدل على أن البلاد في حالة حرب، مشيرا إلى أنه لا يتحدث عن حرب دينية، بل عن حرب تهيمن عليها «شعوب ومصالح اقتصادية».
نيكولا ساركوزي: كل هذه الهمجية وهذا العنف شلّا اليسار الفرنسي

وفي مقابل رؤية رئيسة حزب «الجبهة الوطنية»، مارين لوبان، بأن الجواب على الإرهاب «سياسي» ويكون «بحماية الدولة وتطبيق القوانين»، بدت ابنة أخيها، ماريون لوبان، أكثر حدة بقولها إن «على المسيحيين أن يقاوموا الإسلام في الشرق كما في الغرب»، وإن «المسألة ليست أمنية فقط، بل هي مسألة هوية أيضا».
الموقف الأخير تشاركه قسم من اليمين، وتحديدا من «الحزب المسيحي الديموقراطي»، الذي أثار رئيسه، جان فريدريك بواسون، ما سماها «لبننة المجتمع الفرنسي»، ساخرا من الحكومة التي «تحدث عن الوحدة ضد الكره ولم تتحدث عن المسيحيين»، كما رأى أنها تعاني «فوبيا المسيحية». ومن جانب حزب «الجمهوريين»، عبّر النائب السابق جيرار دامان، عن قلقه من «حرب دينية تبدأ أمام أعيننا».
في ظل هذه التعليقات، دعت معظم الصحف المحلية، الفرنسيين، إلى «الوقوف صفا واحدا». وذكرت «لوموند»، أمس، أن «الجهاديين يريدون إثارة حرب أهلية في فرنسا لإشاعة الاعتقاد بأن الغرب في حرب ضد الإسلام»، مضيفة أن «عدم الرضوخ لذلك بتاتا هو أول فعل مقاوم لمجتمع مثل مجتمعنا - وهو أمر مشرف له - وأول هزيمة يجري إلحاقها بالعدو».
في هذه الأثناء، يستمر التحقيق لمعرفة شريك المهاجم الفرنسي عادل كرميش (19 عاما)، الذي كان يعيش بالقرب من الكنيسة التي استهدفها. وكان كرميش معروفا لدى أجهزة الأمن بعدما حاول التوجه إلى سوريا سابقا، وكان يخضع للمراقبة بسوار إلكتروني حينما نفذ الاعتداء.
وكون كرميش كان معروفا لدى السلطات بتطرفه، أثار الأمر مزيدا من الضغوط في ما يتعلق باستجابة الحكومة الاشتراكية لموجة هجمات تبناها «داعش» منذ أوائل عام 2015. وتعرض هولاند ووزراؤه لانتقادات قاسية من معارضيهم المحافظين بسبب سوء تأمين احتفالات يوم الباستيل في نيس، حيث قتل 84 شخصا دهسا في هجوم باستخدام شاحنة.
أيضا، صعّد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، هجومه ضد هولاند في مقابلة مع «لوموند» نشرت أمس، قائلا إن «كل هذا العنف وهذه الهمجية شلّا اليسار الفرنسي منذ يناير 2015». وأضاف ساركوزي أن هذا اليسار «فقد اتجاهاته ويتشبث بعقلية لغير واقعية». كما دعا إلى اعتقال أو وضع علامات إلكترونية لكل المشتبه بأنهم متشددون إسلاميون حتى لو لم يرتكبوا أي جريمة.
لكن وزير الداخلية، برنار كازنوف، رفض اقتراح ساركوزي، قائلا إن سجنهم سيكون غير دستوري، كما سيؤدي إلى نتائج عكسية. وأضاف كازنوف: «ما أنجح جهود فرنسا لتفكيك عدد كبير من الشبكات الإرهابية هو وضع ملفات هؤلاء الناس تحت المراقبة، وهو الأمر الذي يمكن هيئات المخابرات من العمل من دون أن يشعر هؤلاء الأفراد».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)