strong>تحضيراً للأسوأ الذي كان من المتوقّع أن يُحدثه الإعصار «غوستاف» في خليج المكسيك، أوقفت شركات النفط إنتاجها وكبحت عمليّات تكرير نحو 15 في المئة من القدرة الكليّة الأميركيّة. ولكن المخاوف لم تتحقّق وزال التوتّر بشأن النفط، وعاد سعر البرميل يغازل الـ100 دولار مدعوماً بالمخاوف من أداء الاقتصادات الصناعيّة
لم يتحوّل «غوستاف» إلى «كاترينا» ثان، ولم تضرب الطبيعة مجدّداً الساحل الشرقي للولايات المتّحدة بالزخم نفسه الذي طبع آثار إعصار 2005. المراقبون كانوا متخوّفين من توقّف إنتاج وتكرير نحو 2.4 مليون برميل يومياً، بسبب الأضرار التي كان يمكن أن تمسّ المنصّات النفطيّة في خليج المكسيك. ما كان سيمثّل ضغطاً إضافياً على سعر برميل الوقود الأحفوري، الذي تخطّى حاجز المئة دولار في بداية العام الجاري. وهو سعر يبدو أنّ منظّمة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك»، ستسعى جاهدة لعدم المساومة على انخفاضات دونه.
وقد تحتاج شركات النفط العاملة في المنطقة التي ضربها الإعصار، إلى يوم أو أكثر من أجل تقويم الأضرار التي لحقت بمنشآتها الإنتاجيّة والتكريريّة. ولكن بحسب حاكم ولاية لويزيانا، بوبي جيندال، التي تحدّث في مؤتمر صحافي أوّل من أمس، فإنّ نسبة الـ20 في المئة من إنتاج النفط والغاز التي توقّفت بفعل «غوستاف»، ستعود إلى الحالة الطبيعية في نهاية الأسبوع الجاري، على أبعد تقدير.
هذا الواقع أراح الأسواق بشكل كبير ودفع المتاجرين إلى التركيز على المخاوف من انخفاض الطلب، بسبب التباطؤ في الاقتصادات الصناعيّة والنامية على حدّ سواء. وانخفض سعر النفط إلى ما دون الـ105 دولارات للبرميل. الأمر الذي يمهّد ربّما لعودته إلى سعر 100 دولار، الذي سجّل أوّل العام ليطلق سلسلة ارتفاعات أوصلته إلى مستوى قياسي تجاوز الـ147 دولاراً.
وفي هذا الصدد نقلت وكالة «ASSOCIATED PRESS» عن المحلّل في شركة الاستشارات الماليّة «PERVIN - GERTZ» قوله إنّ «الضغوط تستمرّ بإلقاء ظلالها على السوق. وسببها المخاوف من التراجع الاقتصادي الكوني، ومن انخفاض الطلب على النفط في البلدان الصناعيّة»، مشيراً إلى أنّ الإجراءات التي قد تقوم بها منظّمة الدول المصدّرة للنفط «أوبك» في شأن المعروض، قد تضع حداً لأيّ هبوط حاد متوقّع في الأسعار.
وبالفعل فإنّ المنظّمة النفطيّة لوّحت الشهر الماضي بأنّها لن ترضى بهبوط سعر الوقود الأحفوري إلى ما دون الـ100 دولار للبرميل، لأنّ هذا السعر هو الأكثر عدالة. والمحلّلون ينتظرون حالياً اجتماع أعضائها الـ13 في التاسع من الشهر الجاري في فيينا، لرؤية ما هي تلك الإجراءات المتوقّع أن تتخّذ من أجل الحفاظ على «السعر العادل».
في هذا الوقت، شدّدت إيران، رابع أكبر منتج للنفط في العالم، على هذه المقولة معتبرة أنّ المعروض من النفط يجب ألّلا يفوق المطلوب منه بأيّ شكل من الأشكال. وقال وزير النفط في الجمهوريّة الإسلاميّة، غلام حسين نوذري، إنّ «عرض النفط يجب أن يتوافق باطّراد مع حجم الطلب، والسيطرة على الفائض في المعروض، هي مسألة يجب أن تعالج خلال الاجتماع المقبل لأوبك».
ولفت نوذري إلى أنّ «بعض أعضاء أوبك يزوّدون السوق بفائض من المعروض وينتجون أكثر ممّا تسمح به الكوتا المعمول بها في المنظّمة، وبالتالي يجب وضع حدّ لذلك»، معتبراً أنّ 100 دولار للبرميل هو السعر «الأدنى» للنفط.
وفي حديث المسؤول الإيراني إشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها السعوديّة بعدما تعهّدت رفع إنتاجها إلى 9.7 مليون برميل يومياً بعد القمّة النفطيّة بين المنتجين والمصدّرين، التي استضافتها مدينة جدّة في وقت سابق من العام الجاري.
ولكن على أي حال يبدو أنّ هناك إصراراً جدّياً يبديه أعضاء المنظّمة الدوليّة على سعر البرميل، بعدما ارتفعت بشكل قياسي البترودولارات التي يتقاضونها جرّاء بيع الذهب الأسود، وخصوصاً أن سعره ارتفع في منتصف العام الجاري بنسبة 50 في المئة مقارنة بالمستويات المسجّلة في أواخر 2007.
وبالعودة إلى سعر برميل الخام الخفيف في نيويورك، الذي سجّل أمس، فقد شهد انخفاضاً بقيمة 10 دولارات، ووصل إلى 105.96 دولارات، فيما سجّل سعر برميل مزيج «BRENT» في لندن (نفط بحر الشمال) 104.14 دولارات في مرحلة ما من التداول، مسجّلاً أدنى مستوى له منذ الرابع من نيسان الماضي، وممهّداً ربّما لسلسلة من الانخفاضات.
ويبدو أن السوق في المرحلة المقبلة، سيتجاذبها سعي «أوبك» من جهة إلى الحفاظ على سعر برميل النفط فوق الـ100 دولار، من خلال السيطرة على «الفائض» الذي تحدّث عنه الجانب الإيراني، ومن جهة أخرى، قلق المتاجرين من تراجع معدّلات النموّ في العالم. ففي تقريرها الأخير تفيد «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، «OECD»، أن الاقتصاد الأوروبي يتباطأ بمعدل يتجاوز التوقعات، وعلى الرغم من أنّ الاقتصاد الأميركي كان أفضل حالاً في الربع الثاني إلّا أنّه ضعف كثيراً بسبب موجة تراجع أسعار المساكن.
(الأخبار)


التأثير على الدولار

تزامناً مع انخفاض سعر برميل النفط، تراجع سعر صرف اليورو أمام الدولار إلى أدنى مستوياته منذ 6 أشهر، فيما توقّعت الأسواق أن يتّجه المصرف المركزي الأوروبي نحو خفض الفوائد الأساسيّة من أجل دفع النموّ، في ظلّ انحسار المخاوف من الضغوط التضخميّة. وبحسب حديث المحلّل في شركة «CALYON»، ستيوارت بينيت، لوكالة «فرانس برس»، فإنّه إذا استمرّت أسعار النفط بالانخفاض، يرجّح أن يعكس المصرف المركزي الأوروبي إجراءاته التي اتخذها في تمّوز الماضي برفع الفوائد عل اليورو، وبالتالي فإنّ سعر صرف الدولار سيرتفع أمام اليورو.