strong>خسائر متلاحقة وحادّة في البورصة، تظاهرات احتجاجيّة للتجّار الماليّين... صورة المشهد المالي والاقتصادي (وحتّى السياسي) في الكويت تبدو قاتمة. وضع دفع مجلس الوزراء إلى تأليف «فريق عمل مهني» لمعالجة تداعيات الأزمة، إضافة إلى ضمان الودائع في المصارف، وذلك بعدما شدّدت الدول الخليجيّة على قدرتها في مواجهة العاصفة الماليّة
غداة الاجتماع الذي عقده وزراء مال دول مجلس التعاون الخليجي (السعوديّة، الكويت، عمان، البحرين، قطر، الإمارات)، دفع التدهور في الأسواق، السلطات الكويتيّة إلى اتخاذ إجراءات جديدة، فيما كان التجّار الماليّون ينظّمون للمرّة الثانية احتجاجاً في باحة بورصة الكويت، مطالبين الدولة بكبح جماح التراجع الحاد في أسواق الأسهم. وبعد الكشف عن أنّ ثاني أكبر مصرف تجاري في البلاد، «مصرف الخليج»، تكبّد خسائر بسبب استثماراته في مشتقّات ماليّة خطيرة، وانخفاض اليورو مقابل الدولار، شكلت الحكومة الكويتيّة فريق عمل مهنياً يتمتع بصلاحيات تنفيذية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية الدولية، وأعلنت ضمان كل الودائع المصرفيّة في البلاد، لتصبح الكويت البلد الخليجي الثاني الذي يتّخذ هذا الإجراء بعد الإمارات العربيّة المتّحدة.
وكلّف مجلس الوزراء محافظ المصرف المركزي، سالم الصباح، بحسب بيان أصدره بعد اجتماعه، «رئاسة فريق عمل مهني متخصص ذي صفة تنفيذية لمتابعة ومعالجة انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد».
وتأتي هذه الخطوة في وقت تزداد فيه حدّة الخسائر في البورصة، مع اتضاح أنّ معاناة القطاع المصرفي والأسواق الماليّة عموماً في بلدان الخليج، لن تنتهي قريباً. فيوم أمس، سجّل مؤشّر بورصة الكويت تراجعاً نسبته 3.5 في المئة.
هذا الواقع دفع حوالى 30 تاجراً مالياً إلى الاحتجاج للمرّة الثانية خلال أسبوع، خارج مبنى بورصة الكويت، ضدّ التراجعات الحادّة، مطالبين السلطات باتخاذ إجراءات فعليّة في هذا السياق. فيما بدأ يتّضح أنّ الأزمة الماليّة التي تضرب البلاد سيكون لها انعكاسات سياسيّة، مع إعلان النائب الليبرالي المعارض، أحمد المليفي، عن نيته رفع دعوى على رئيس مجلس الوزراء، ناصر محمّد الأحمد الصباح، في 6 تشرين الثاني المقبل، بسبب «سوء إدارته للأزمة الماليّة» واستخدامه غير السليم للمال العام.
والمرّة الأخيرة التي قدّمت فيها دعوة ضدّ رئاسة مجلس الوزراء، كانت في أيّار الماضي، وحينها قام أمير البلاد، صباح الأحمد الصباح، بحلّ البرلمان، وإجراء انتخابات نيابيّة جديدة.
وهذه الصورة القاتمة في الكويت، تبلورت بعد يوم واحد من إعلان دول مجلس التعاون الخليجي، أنّها اتخذت بالفعل خطوات كافية للتعامل مع تأثير الأزمة المالية العالمية، إلّا أنّ اضطراب الأسواق العالمية جعل خطتها للوحدة النقدية أكثر إلحاحاً.
ويسعى وزراء المال ومحافظو البنوك المركزية لدول الخليج العربية بعد اجتماعهم في الرياض أوّل من أمس، للتوصّل إلى استجابة منسقة على الأزمة المالية العالمية التي تهدد بتقويض طفرة اقتصادية تشهدها المنطقة منذ 6 سنوات. إلّا أنّهم لم يوضحوا الكيفيّة التي ينوون على أساسها تطوير التعاون، فيما الجدول الزمني لإطلاق العملة الموحّدة يضغط عليهم كثيراً مع تشكيك العديد من المراقبين في إمكان التزامهم المهلة الزمنية المحدّدة في عام 2010.
وفي هذا السياق، نقلت التقارير الإعلاميّة عن وزير المال القطري، يوسف كمال، قوله بعد الاجتماع، إنّ «التأثيرات المحتملة للأزمة العالمية نستطيع التعامل معها من خلال الإجراءات التي اتخذناها بالفعل... الأزمة تثبت مدى حاجتنا إلى عملة موحدة وأن يكون بنك مركزي موحد هو الهيئة المشرفة». وأضاف: «نبدي استعدادنا للتنسيق الدائم في ما بيننا جميعاً. وهذا التنسيق يجب أن يستمر بين محافظي البنوك المركزية بصفة خاصة لمراقبة الوضع».
وحتى الآن تبنت السعودية والإمارات العربية المتحدة وأربع دول خليجية أخرى سياسات منفصلة للحد من ضغوط أزمة السيولة العالمية على قطاعاتها المصرفية، في وقت تسعى فيه المصارف لتمويل المشاريع الاستثماريّة الضخمة التي انطلقت في ظلّ فورة من الدولارات النفطيّة التي وفّرها وصول سعر الوقود الأحفوري إلى مستويات قياسيّة في وقت سابق من العام الجاري.
وتتأثّر ثقة المستثمرين في الخليج العربي، وخصوصاً أنّ خطوة منظّمة الدول المصدّرة للنفط، خفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يومياً، لا يبدو أنّها ستكون فعّالة، إذ إنّ المراقبين يخفّفون من جذريّتها بسبب توقّع ركود اقتصادي عالمي، وتقلّص الاستهلاك والطلب في البلاد الصناعيّة والنامية على حدّ سواء.
هذا الواقع اتضحت أمّس مفاعليه الحقيقيّة في الكويت، فيما المطالبات تزداد بضرورة توحيد الجهود في ظلّ هذه الأزمة القائمة، قبل الحديث عن «وحدة نقديّة».
(الأخبار)


خسائر خليجيّة

قاد التراجع في بورصة الكويت أمس، انخفاض في أسعار أسهم المصارف التي تراجعت بنسبة 3.9 في المئة. والتراجع سيطر على الأسواق الماليّة في بلدان الخليج كلّها. فقد خسرت بورصة السعوديّة، الأكبر في الوطن العربي، 1.66 في المئة من قيمتها رغم ارتفاع سهم «سابك» القيادي بنسبة 1.7 في المئة. كذلك انخفض مؤشّر سوق دبي الماليّة بنسبة 4.75 في المئة مع خسارة السهم الريادي في السوق «إعمار» 6.3 في المئة من قيمته. وفي الدوحة ومسقط والبحرين، تراجعت البورصات بنسبة 8.93 في المئة و8.3 في المئة و3.7 في المئة على التوالي.