Strong>حملة مصريّة على نصر اللّه وإيران... ومحاولات لاحتواء غضب الشارعكان لا بد للرئيس المصري حسني مبارك من أن يخرج ليمتص غضب الشارع والرأي العام العربي الذي اعتبره متواطئاً مع العدوان. فتسيبي ليفني أطلّت من القاهرة قبل يومين من الاعتداءات الإسرائيلية لتتوعّد «حماس»، وباتت الجماهير تساوي بينه وبين العدو، وتهتف ضدّه وتهاجم سفارة بلاده

القاهرة ــ خالد محمود رمضان
خاطب الرئيس المصري حسني مبارك، أمس، شعبه للمرة الأولى منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. بدا أنه يحاول جاهداً امتصاص حدّة الغضب الشعبي على الموقف الرسمي الضعيف تجاه هذه الحرب الوحشية، إن لم نقل المتواطئ. لكنه رفض فتح معبر رفح، مشترطاً عودة قوات السلطة والمراقبين الدوليين إليه.
في هذا الوقت، تلقّى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هجمات من أركان نظام مبارك على خلفية خطابه الأخير الذي دعا فيه الشعب المصري إلى الانتفاضة لفتح معبر رفح.
وقال مبارك، في كلمة سنوية معتادة لمناسبة حلول العامين الهجري والميلادي الجديدين، إن «الدم الفلسطيني ليس مستباحاً ولا رخيصاً». وطالب إسرائيل بوقف الاعتداءات فوراً وتحمّل مسؤولياتها كقوة احتلال، مجدداً رفضه وإدانته للاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. وقال «نمضي في تحرّك يسعى لوقف العدوان فوراً من دون قيد أو شرط».
وأكّد مبارك أن بلاده «لن تقع في الفخ الإسرائيلي وتشارك في مخطط تكريس فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، داعياً «جميع الفصائل الفلسطينية إلى التوحّد لمواجهة العدوان». وعن فتح معبر رفح، قال «لن نساهم في تكريس الانقسام (بين حماس والسلطة الفلسطينية) بفتح معبر رفح في غياب السلطة الفلسطينية ومراقبي الاتحاد الأوروبي وبالمخالفة لاتفاق عام 2005».
وغمز الرئيس المصري من قناة نصر الله، قائلاً إن «بلاده ستترفع عن الصغائر، ولن تسمح لأحد بمحاولة تحقيق مصالحه وبسط نفوذه على حسابها، بالمزايدة عليها والمتاجرة بدماء الفلسطينيين». وأضاف «مواقفنا الداعمة للقضية الفلسطينية لا تقبل التشكيك والمهاترات. لقد بذلت مصر جهوداً مضنية على مدار الستة أشهر الماضية لتثبيت التهدئة في غزة، وسعت من دون كلل لتمديدها وتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني».
ومن المقرر، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، أن تقدم مصر خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة خطة عمل لإنهاء العدوان الإسرائيلي، وتقضي بـ«وقف إطلاق النار، ثم استعادة التهدئة وفتح المعابر ووضع آلية دولية أو عربية للتأكد من التنفيذ الحرفي لهذا الاتفاق».
وردَّ أبو الغيط بدوره على تصريحات نصر الله، قائلاً «لا أرى أنه حقق الكثير للبنان. بل على العكس، هدم لبنان في حرب عام 2006»، متسائلاً عن كيفية مطالبته الشعب المصري بأن يخرج في تظاهرات مليونية، «فمصر كبيرة وقوية ولا يستطيع أحد من خارجها أن يحرّك شيئاً داخلها». وسخر أبو الغيط أيضاً من حديث الأمين العام لحزب الله عن القوات المسلحة المصرية، قائلاً «هل تعرف ما هي القوات المسلّحة المصرية؟ هل هي 15 صاروخاً من طراز كاتيوشا أو 80 مدفع آر بي جي، القوات المسلحة المصرية أكبر من أي أحد يتحدث عنها».
كذلك هاجم الوزير المصري المرشد العام للثورة الإيرانية علي خامنئي، الذي حمّل الزعماء العرب مسؤولية العدوان، متسائلاً «كأنّ هناك مئات الآلاف من الدماء الإيرانية فُقدت على مدى 30 سنة». ورأى أن «هناك دوافع إيرانية تدفع أطرافاً عربية لأن تلعب لمصلحة إيران». وأضاف أن «الذي يتحدث عن مصر، عليه أن يعرف قدرها أولاً: فهي الدولة التي قادت هذا النضال وهذه المواجهة حتى هذه اللحظة. مصر هي أم القومية والوطنية العربية، وبالتالي لا داعي لمثل هذه الأحاديث السخيفة». وعما إذا كانت الأزمة الحالية قد كشفت عن تحالفات عربية واضحة بين قطر وسوريا وإيران من جهة ومصر والسعودية من جهة ثانية، تهرّب أبو الغيط من الإجابة، مقرّاً بأنّ هناك «شدّاً وجذباً على المسرح العربي يقتضي الكثير من الحكمة والهدوء لكي نحمي الأمة التي تمرّ بظرف بالغ الصعوبة».
ونفى أبو الغيط أن تكون مصر قد عرقلت دخول أي مساعدات عربية إلى غزة، قائلاً «إطلاقاً، لم يتم ذلك، فالمساعدات تصل». وطالب قطر والدول العربية الأخرى بتخفيف لهجة التحذيرات ضدّ مصر، مؤكّداً أنّ «بلاده تقوم بجهود شاقة لخدمة القضية الفلسطينية، لكنّ المصريين وحدهم هم الذين يدفعون الثمن من دمائهم. فلا يوجد مواطن عربي قتل خلال الأيام الثلاثة الماضية، ولكنّ هناك مواطناً مصرياً قُتل»، في إشارة إلى ضابط مصري قُتل برصاص فلسطيني على الحدود مع غزة.
في المقابل، أطلق الحزب الوطني الحاكم حملة علاقات عامة واسعة النطاق لتطييب خواطر الرأي العام المحلي الذي يموج بالغضب جرّاء ما يحدث في غزة. وأعلن أمينه العام صفوت الشريف أن الأمانات العامة للحزب في المحافظات ستعقد مؤتمرات جماهيرية للتعبير عن إدانة الشعب المصري لإسرائيل وممارساتها الوحشية والهمجية ضدّ الشعب الفلسطيني. وأكّد أن «الشعب المصري لا يستجيب لأي مؤامرات تُحاك ضدّه»، حيث «أعلنت الجماهير رفضها الكامل لمحاولات النيل من عروبة مصر ودورها التاريخي من خلال بعض الفضائيات»، مشيراً إلى أن «أمانات الحزب تلقّت مئات الآلاف من الرسائل والاتصالات تُعرب عن رفضها لخطاب نصر الله الذي تعتبره نوعاً من التدخل والتحريض المرفوض شكلاً وموضوعاً».
وقال الشريف إن «الشعب المصري يعرف حكمة الرئيس مبارك ودوره في القضية الفلسطينية، وإنه يضع مصالح مصر العليا فوق كل شيء، وإن هذه المصالح تلتقي مع مصالح الأمة العربية». وتساءل «أين هم الذين حرّضوا حماس على عدم التهدئة وعمّقوا الخلافات؟ ولماذا تركوا الشعب الفلسطيني وحده يواجه مصيره؟ وهل انتهى الدور الوطني لهؤلاء عند محاولة تشويه صورة مصر وطمس الحقائق؟».