Strong>في الوقت الذي يستعدّ فيه رئيس الوزراء الصيني، وين جياباو، لزيارة بروكسل بهدف التشاور مع الزعماء الأوروبيّين في شأن كيفيّة مواجهة الأزمة الاقتصاديّة العالميّة، أظهرت البيانات في بكين أنّ نسبة نموّ اقتصاد البلد الشيوعي هبطت هبوطاً حاداً في الربع الأخير من العام الماضي لتبلغ 6.8 في المئة على أساس سنوي، ما يشكّل أضعف فصل منذ عام 2001
تراجع نموّ الاقتصاد الصيني تراجعاً ملحوظاً في الفصل الرابع من عام 2008، وبلغ 6.8 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بعدما كانت النسبة قد هبطت إلى 9 في المئة في الفصل السابق، وكانت تلك هي المرّة الأولى التي ينخفض فيها النموّ عن عتبة الـ10 في المئة خلال أربع سنوات. وتوضح هذه التطوّرات أنّ الاقتصاد الصيني الذي بدا في معظم فترات العام الماضي أنّه يستطيع احتواء تداعيات الأزمة العالميّة الناتجة من فقاعة الرهون العقاريّة الأميركيّة، تأثّر بحدّة في نهاية عام 2008 بعدما وصلت الأزمة إلى أوجها جرّاء انهيار البورصات في منتصف أيلول الماضي وتحوّل أزمة الائتمان إلى أزمة اقتصاديّة يعبّر عنها تراجع الطلب وانخفاض الوظائف، وبطبيعة الحال انخفاض أسعار النفط انخفاضاً هسترياً.
وبتسجيل هذه النسبة المتواضعة من النموّ، يكون النموّ الإجمالي لعام 2008 قد انخفض إلى 9 في المئة، وهو أدنى مسجّل في البلد الشيوعي خلال سبع سنوات، ويأتي بعدما حقّقت البلاد نموّاً اقتصادياً يزيد على 10 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، وآخرها كانت نسبة 13 في المئة في عام 2007، التي مكّنت الصين من تخطّي ألمانيا من حيث حجم الناتج الإجمالي المحلّي وحلولها في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولايات المتّحدة واليابان.
وفي ظلّ هذه الإحداثيّات الصعبة، يتوقّع بعض المحلّلين تراجع نسبة النموّ إلى 5 في المئة فقط خلال عام 2009. والسبب في ذلك هو بطبيعة الحال الأزمة الاقتصاديّة العالميّة.
ففيما الاقتصاد الصيني يعتمد كثيراً على الصادرات للتحفيز الذاتي، بدأ يُلاحظ منذ فترة موجة إغلاق كبيرة في المصانع وهجرة معاكسة للعمّال الصينيّين إلى الأرياف بعدما دفعتهم فورة النموّ للنزوح إلى المدن حيث يتركّز الإنتاج الصناعي. وحسبما تنقل وكالة «أسوشييتد برس» فإنّ حصّة الصادرات من المبيعات الكليّة في بعض المصانع تراجعت إلى 20 في المئة فقط بعدما كانت 80 في المئة قبل عامين.
ورغم هذه الأرقام السوداويّة، تفيد أرقام مكتب الإحصاءات الوطني الصيني، حسبما تنقل الوكالة نفسها، أنّ الناتج الصناعي نما بنسبة 5.9 في المئة في كانون الأوّل الماضي، بعدما كانت النسبة 5.4 في المئة في الشهر السابق. كذلك ارتفعت الاستثمارات في قطاع العقارات والمصانع وبعض الأصول ارتفاعاً ملحوظاً نسبياً.
ولكن يبقى أنّ الاقتصاد الصيني، شأنه شأن جميع اقتصادات العالم سيشهد تراجعاً حاداً في عجلته هذا العام بسبب الأزمة الاقتصاديّة التي تنتظر أحد أكثر علاجاتها تأثيراً من الولايات المتّحدة حيث يرتقب العالم تأثيرات خطّة الإنقاذ التي ستطبقها إدارة الرئيس باراك أوباما والتي تبلغ قيمتها 825 مليار دولار.
وحتّى إذا تمّ الاعتماد فقط على الإجراءات الحكوميّة الأخيرة للتحفيز الاقتصادي حول العالم (وبينها خطّة الصين البالغة 585 مليار دولار) لا تتوقّع التقارير الاقتصاديّة الدوليّة عودة النموّ الاقتصادي العالمي إلّا في بداية العام المقبل.
على أيّ حال، فإنّ النقاشات بين زعماء العالم مستمرّة لبحث كيفيّة تقزيم تأثر الأزمة العالميّة على العالمين الصناعي والنامي، إن كان من جهة اتخاذ إجراءات طارئة للتحفيز أو عبر تطوير النقاش الجذري في شأن المؤسّسات الاقتصاديّة الدوليّة وطبيعة الاقتصاد العالمي وكيفيّة ضبط آليّاته.
وفي هذا السياق، من المتوقّع أن يصل رئيس الوزراء الصيني، المسؤول الاقتصادي الأوّل في البلاد، وين جياباو، إلى بروكسل الأسبوع المقبل من أجل التباحث مع زعماء الاتحاد الأوروبي في شأن الإجراءات المطلوبة لتطويع مرحلة الركود التي يمرّ بها الاقتصاد العالمي.
ووفقاً لما نقلته التقارير الإعلاميّة عن مساعد وزير الخارجيّة الصيني، وون هونغبو، فإنّ الحكومة الصينيّة والحكومات الأوروبيّة تعمل على بلورة سياسات تعاون اقتصادي يؤمل بأن تصاغ نهائياً خلال زيارة جياباو.
وأوضح المسؤول الصيني أنّ جياباو يرجّح أن يناقش إحداثيّات قمّة الدول العشرين الكبرى (G20) التي تعقد في الثاني من نيسان المقبل في لندن بعدما سبقتها قمّة أولى استضافتها واشنطن في منتصف تشرين الثاني الماضي واعتبرت نقطة انطلاق لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي.
وبعد اجتماعه مع الأوروبيّين، سيحضر جياباو المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يبدأ في دافوس السويسريّة في 27 من الشهر الجاري والذي يجمع 2500 شخصيّة عالميّة من رجال أعمال ورؤساء ومسؤولين سياسيّين تحت عنوان «العالم ما بعد الأزمة»... الأزمة التي تطال الصين بقوّة بعكس التصوّرات السابقة.
(الأخبار)


استثناء فرنسا

لن تشمل الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الصيني وين جياباو إلى أوروبا الجانب الفرنسي، الأمر الذي أثار تساؤلات عما إذا كان هذا سبب هذا الاستثناء هو استضافة باريس لزعيم إقليم التيبيت، دالاي لاما، الذي يعدّ «عدواً» للسلطات في بكين. وتقول وزارة الخارجيّة الصينيّة إنّ عدم اللقاء مع الفرنسيّين سببه ضيق جدول الأعمال لدى جياباو. ولكن الصين ألغت قمّة بالغة الأهميّة مع الأوروبيّين في كانون الأوّل الماضي بسبب استضافة الرئيس نيكولا ساركوزي للزعيم التيبيتي. وحينها كانت فرنسا تتولّى رئاسة الاتحاد الأوروبي.