strong>ضغوط مصريّة ــ سعوديّة لا تستثني موسى لضرب الدعوة القطريّة و«لحرمان» الرئيس السوري من «منبر»«حرب قمم» عربية، باتت قضيّة غزّة آخر همومها. هكذا تبدو الصورة اليوم في ظل الانقسامات العربية غير المسبوقة، التي يعبّر عنها واقع أن 3 قمم عربية ستُعقَد في 3 أيام: الرياض اليوم، والدوحة غداً، والكويت يوم الاثنين المقبل. ويبقى الرهان على قدرة الدوحة في إنجاح قمتها

القاهرة ــ الأخبار
دخلت القمّة العربية الطارئة، التي دعت قطر إلى عقدها في الدوحة غداً، في خانة غير المحسوم من كل النواحي؛ فلا تأكيدات أن عدد الدول المطلوب مشاركتها قد تأمّن. ولا الدولتان العربيتان «الكبريان»، أي السعودية ومصر، ليّنتا من مواقفهما الرافضة لانعقادها. ولا الجهة «الراعية»، أي الجامعة العربية، تبدو متحمّسة للفكرة. وفي خطوة مفاجئة، أخرجت السعودية أمس «الحرب الباردة» بين العواصم العربية إلى العلن، عندما دعت الدول الست لمجلس التعاون الخليجي إلى قمّة طارئة تُعقَد في الرياض اليوم «للبحث في الأزمة في قطاع غزة». إجراء يندرج بحسب مراقبين في إطار «سحب البساط من تحت أقدام القطريين»، ولتكريس الضغوط المصرية ـــــ السعودية على دول سبق أن وافقت على المشاركة في قمة الدوحة، بهدف سحب موافقتها.
واتّخذ السجال بشأن عدد الدول التي أعلنت موافقتها على التوجه إلى الدوحة، طابعاً غامضاً، مع تضارب المعلومات في هذا الصدد؛ ففيما أعلن الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، أن حاجز الثلثين المطلوب لعقد الاجتماع لم يتأمّن بعد، بما أن 14 عاصمة عربية فقط وافقت كتابياً على الدعوة القطرية، فإنّ المصادر القطرية تؤكّد من جهتها أنّ 16 دولة أعلنت «حتى الآن» نيتها المشاركة.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ ما شهدته الساعات القليلة الماضية في سياق حملة الضغوط المصرية ـــــ السعودية، التي قابلتها حملة قطرية مقابلة على الدول العربية الأخرى، أشبه بـ«مهزلة دبلوماسية وسياسية».
وبحسب مصادر مصرية تحدثت لـ«الأخبار»، فإنّ مصر والسعودية تقودان حملة شرسة لإفشال القمة، للحؤول دون اتخاذها أي قرارات محرجة لهما، ولحرمان الرئيس السوري بشار الأسد «من منبر قوي قد يتخذه مجدداً لتوجيه انتقادات عنيفة بحق الرئيس حسني مبارك والملك السعودي عبد الله، على غرار ما حصل خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان» صيف عام 2006.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإنّ باكورة النجاح المصري ـــــ السعودي تمثّل بالنموذج المغربي؛ فبعدما بعثت الرباط موافقتها الرسمية مساء أول من أمس على عقد القمة الطارئة على لسان وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري، عادت لتتراجع صباح أمس عن هذه الموافقة وتسحبها.
أما الجبهة الثانية في الجهود المصرية ـــــ السعودية، فهي على خطّ العاصمة الليبية، طرابلس؛ فقد سعى مبارك لإقناع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي عبر مكالمتين هاتفيتين، بسحب موافقة سبق له أن أعلنها. غير أنّ أنباء مصرية أفادت بأن طرابلس طلبت من الجامعة العربية تأجيل كل من قمة الدوحة، وتلك الاقتصادية المقرر عقدها في الكويت يوم الاثنين المقبل.
وعلى الطرف الآخر، قام أمير قطر بمساع مضادّة، وأجرى سلسة من الاتصالات مع عدد من الزعماء العرب، من بينهم القذافي نفسه، لحثّه على الاستجابة لدعوته.
في هذا الوقت، لا يزال العراق يرواح مكانه في عدم تحديد موقف نهائي من قمة الدوحة، بحسب مدير مكتب موسى، هشام يوسف، رغم أنه سبق لمصادر إعلامية مقربة من الدوحة أن نقلت عن حكّام بغداد موافقتهم على المشاركة. أما تونس، فقد جزمت بعدم حضورها.
واتهمت مصادر دبلوماسية عربية موسى بـ«عدم القيام بواجبه في حشد التأييد للقمة». وبرّر دبلوماسي عربي رفيع المستوى، في حديث لـ«الأخبار»، سلوك موسى بأنّ الأخير «يتعرض هو الآخر لضغوط مصرية ـــــ سعودية لعدم إنجاح المساعي القطرية».
وبدا موسى واثقاً من أن مسألة انعقاد القمة «ستحسم خلال الساعات المقبلة»، وهو توجّه أمس إلى الكويت للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرّر الجمعة. وأوضح موسى أنه «سيتابع موضوع قمّة الدوحة من الكويت، وإذا اكتمل النصاب فسوف أتوجه إلى الدوحة». غير أنّه ذكّر بأنّ مصر والسعودية «دولتان عربيتان أساسيتان ويجب أن يكونا جزءاً أساسياً من أي إجماع عربي».
وفي السياق، استبعد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، انعقاد قمة الدوحة، مبرّراً شكوكه بتحفّظ 8 دول عربية «كبيرة ولها تأثيرها» من أصل 22 لعقدها وحصرها المشاركة في قمة الكويت. ورأى أنه «إذا ذهبنا إلى الدوحة، فسوف نقضي على قمة الكويت التي أُعدّ لها على مدى عام كامل، وهذا المنطق الذي استندت إليه الدول الثماني».
في المقابل، حاول رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، المحافظة على لهجة إيجابية إزاء السعودية، قائلاً «نحترم وجهات نظر الدول الممتنعة ونعلم أن وجهات النظر كلها نابعة من حرص على المصلحة العربية». ولفت إلى أن قمة الدوحة إذا عقدت «ليست إنقاصاً من قمة الكويت الاقتصادية التي ستحضرها قطر على أعلى مستوى، ونقدرها ونوليها كل الأهمية والاحترام، ولكننا نرى أن حجم ما يقع في غزة يستدعي قمة عربية منفصلة». ورداً على سؤال عما إذا كان عقد القمة في الدوحة سيؤثر على علاقات قطر بكل من السعودية ومصر، أجاب «علاقتنا مع السعودية علاقة قوية ويسودها التفاهم»، مضيفاً أن «مصر لها تاريخ واضح في النضال العربي».
وبحسب الرؤية التي يقدّمها المتحمّسون لعقد قمة الدوحة، تكون الدول الـ15 التي وافقت على القمة هي: موريتانيا والجزائر وليبيا والسودان ولبنان وسوريا والإمارات وقطر واليمن وجيبوتي وجزر القمر والصومال وسلطنة عمان وفلسطين والعراق. أما الممتنعون، بحسب فضائية «الجزيرة»، فهم السعودية ومصر والكويت وتونس.