القاهرة ــ خالد محمود رمضانأشاعت مصادر سياسيّة مصريّة، أمس، أن حركة «حماس» قد طوّعت موقفها السياسي، وأنّها على وشك إعلان قبول المبادرة المصرية ـــــ الفرنسية المطروحة للتهدئة في قطاع غزة، فيما شدّدت مصادر فلسطينية على أن الطريق للوصول إلى اتفاق على المبادرة لجهة قبولها أو رفضها لا تزال طويلة.
فقد قالت مصادر مصرية، لـ«الأخبار» إن الحركة أبلغت رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، اللواء عمر سليمان، «موافقتها على وقف فوري لإطلاق النار في غزة، استجابة للمبادرة المصرية، بالتزامن مع وقف الاحتلال عدوانه» الذي دخل أمس يومه السابع عشر.
وكشفت المصادر نفسها عن أن أعضاءً من الوفد، هم محمد نصر وصلاح البردويل وجمال أبو هاشم، قد غادروا العاصمة المصرية أمس، متّجهين إلى دمشق، لإطلاع رئيس المكتب السياسي لحركتهم خالد مشعل على نتائج محادثاتهم مع سليمان وكبار مساعديه، فيما بقي القياديان الآخران عماد العلمي وأيمن طه في القاهرة، لمواصلة الاجتماعات.
وأشارت مصادر فلسطينية في وقت لاحق إلى أن الوفد عاد إلى القاهرة مع بنود لطلب إدخالها على المبادرة، ومنها «الانسحاب ووقف إطلاق النار ورفع الحصار». كما طلب توضيحات بالنسبة إلى المراقبين على الحدود والضمانات التي ستقدّم إلى الحركة الإسلاميّة.
وفي السياق، برز جهد تركي لتطويع المبادرة المصرية. وقام وفد برئاسة المستشار السياسي لرئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، بمباحثات أمس في دمشق قادماً من القاهرة. والتقى مع المسؤولين السوريين وقياديين من «حماس». واقترح مجموعة ضمانات للأطراف، بينها استعداد تركيا لأن تتولى قواتها دور المراقبين، بدل القوات الدوليّة. كما دعا إلى حوار فلسطيني ـــــ فلسطيني بالتعاون مع مصر.
وكانت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية الحكوميّة قد نقلت عن «مصدر رسمي» قوله إنّ «الرؤى توحّدت خلال المباحثات حول ضرورة الوقف الفوري لنزف الدم الفلسطيني بأسرع وقت ممكن»، واصفة نتائج المباحثات بأنها «إيجابية».
وعن فحوى المباحثات التي أجريَت وسط تكتّم إعلامي شديد، وفي ظلّ إجراءات أمنية مشدّدة منعت وصول الصحافيين إلى جوار مقرّ اللقاء، أوضحت الوكالة أنّ سليمان شرح لضيوفه بنود مبادرة بلاده في أبعادها وهدفها بالنسبة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، كمرحلة يُنطلق منها إلى اتفاق تهدئة، تليها مصالحة فلسطينية ـــــ فلسطينية.
وبحسب الوكالة نفسها، فإنّ المباحثات والمشاورات بين الطرفين استؤنفت أمس، من أجل التوصل إلى اتفاق على بدء تنفيذ المبادرة المصرية ووقف إطلاق النار «بأسرع وقت ممكن».
وسبق نشر هذه التسريبات عن موافقة «حماس» مطالبة رئيس الحكومة الانتقالية الفلسطينية، سلام فياض، «حركة المقاومة الإسلامية» بالإسراع في الموافقة على المبادرة المصرية «لإنقاذ» الشعب الفلسطيني، ومنع سقوط المزيد من الضحايا.
وبعد اجتماع حكومته في رام الله، استغرب فياض لماذا تُرفض المبادرة المصرية، مطالباً من يرفضها «بإقناع الناس بسبب رفضه وقف العدوان». وحذّر، في بيان، «من الحديث عن تقاسم المسؤولية فلسطينياً في معبر رفح»، لكونه أمراً «لا يصبّ إلا في خدمة تكريس الانفصال والانقسام» الفلسطيني.
وشدّد فياض على أن السلطة الفلسطينية «هي وعاء لكل الفلسطينيين»، داعياً كل الأطراف إلى المشاركة فيها «لا معها». وردّاً على سؤال عمّا إذا كان يدعو «حماس» إلى المشاركة في حكومة وحدة وطنية، أشار إلى أن «حكومة الوحدة الوطنية من المكوّنات الأساسية للوحدة الوطنية»، مشترطاً «التعامل الإيجابي مع المبادرة المصرية»، كخطوة أولى تسبق جميع المساعي.
في المقابل، قرّرت تل أبيب تأجيل إرسال رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع عاموس جلعاد إلى القاهرة، لمواصلة المباحثات مع القيادة المصرية بشأن سبل وقف تهريب السلاح عبر محور فيلادلفي.
وفي مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، مساء أول من أمس، كشف جلعاد عن نبأ تأجيل زيارته التي كانت مقررة أمس إلى القاهرة، قائلاً «حالياً يبدو أنني لن أتوجه إلى هناك، لكن لا فرق، لأنّني على اتصال وثيق مع مصر».
وبحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة، فإنّ إرجاء الزيارة تمّ بقرار من القادة السياسيين في الدولة العبرية، «لتعزيز الضغط العسكري على حماس، فيما أعلن الجيش أنه وجّه ضربة قاسية إلى الجناح العسكري للحركة».
كذلك تحدّثت الإذاعة عن مبرّر آخر لهذا التأجيل، هو «الخلاف المستمر بين مصر وحماس بشأن شروط وقف إطلاق النار».