صيدا ــ خالد الغربيلم تكن التظاهرة الطلابية الحاشدة التي انطلقت أمس من ساحة الشهداء باتجاه ساحة النجمة في صيدا كمثيلاتها من تظاهرات التضامن مع غزة، إذ تجاذب «الكباش» السياسي المحلي أطرافها.
ففيما اتهمت المعارضة فريق السلطة بمحاولة «القوطبة» على التظاهرة ومحاولة تعطيلها عبر استخدام النفوذ السياسي على إدارات المدارس للتشدد في «منع الطلاب» من المشاركة، دحضت قوى الموالاة هذه الاتهامات، رغم أن مصادر الشبكة المدرسية التي تضم مدارس رسمية وخاصة في صيدا والجوار (التي أسستها منذ فترة الوزيرة بهية الحريري) قد أعلنت بوضوح أنها غير معنية بأي تحرك ما لم يكن متفقاً عليه في إطار الشبكة. وكانت القوى الطلابية اللبنانية الفلسطينية قد دعت إلى التظاهرة بعد اجتماعها في مقر التنظيم الشعبي الناصري. دعوة لم تعرها بعض المدارس اهتماماً، متذرعة بالقوانين التي تنظّم عملها وأنشطتها. موقف لم يرُق طلاب بعضها الذين احتشدوا، ما إن فتحت أبوابها صباح أمس داخل الملاعب بينما حاول مندوبون عنهم التفاوض مع المديرين للسماح لهم بالمشاركة في التظاهرة. إلا أن هذه المحاولات باءت بفشل واجهه بعض التلاميذ بالهتاف: «كيف بدنا نتعلم وشعب غزة عم يتألم؟»، ما دفع بإدارات تلك المدارس إلى المزيد من التشدد، وصل إلى حدّ «تهديد الطلاب واستدعاء قوى أمنية لتطويق المدارس التي تحولت إلى ثكنات عسكرية»، كما تقول سعاد منصور، طالبة في إحدى الثانويات الرسمية.
رداً على ذلك، تحرّك طلاب المعارضة في المدينة، ولا سيما طلاب التنظيم الشعبي الناصري والحزب الديموقراطي الشعبي، الذين توجهوا إلى خمسة مدارس ثانوية رسمية في المدينة تمثّل ثقلاً طالبياً، «لمؤازرة التلامذة المحاصرين في مدارسهم وفك الطوق عنهم» كما يقول أحد مسؤولي القطاع الطلابي في التنظيم، مصطفى الشامية.
نجحت الخطة في ثلاث مدارس وأخفقت في اثنتين، بينما أوقف ناشطان من الحزب الديموقراطي الشعبي لوقت قصير قبل أن يطلق سراحهما، فيما أدى عضو هيئة التعليم الرسمي، الأسير المحرر عصمت القواص دوراً بارزاً في فك الطوق عن عدد من التلاميذ مستخدماً سيارته لفتح بوابة إحدى المدارس الرسمية.
ومع اكتمال الحشد عند ساحة الشهداء، كانت حناجر الآلاف من الطلاب قد انطلقت بهتافات قدح وذم طالت الرئيس المصري ووزير خارجيته، من قبيل «لكتب على الرصاصة حسني مبارك رقاصة، ولاكتب على البارودة، أبو الغيط يهودي»، دون أن تنسى نصيب حكام السعودية منها «حط الكاس على الكاس، حكام السعودية أنجاس». جزم الطلاب بأنه «لا توطين ولا تهجير، عودة وتقرير المصير»، بينما وقف على جانب الطريق النائب أسامة سعد يحييهم، وصوت الفنانة جوليا المنبعث من مكبرات الصوت يشعلهم حماسة، لتنتهي التظاهرة بكلمة للنقابي عصمت القواص هاجم فيها النظام الرسمي العربي المتواطئ مع الاحتلال، مطالباً الحكومة اللبنانية باتخاذ موقف واضح من العدوان، وبهتاف المنظمين «هاي هيي، صيدا عروبية».


غزة خارج الخلاف الداخلي

أشار الشامية إلى «أنه مع تفهمنا للقوانين والأنظمة التي تحكم عمل المدارس، إلا أن المغالاة في انحياز بعض إدارات المدارس ولجوئها للتهديد والوعيد بحق التلامذة يطرح تساؤلات عديدة. هو سلوك غير ديموقراطي وغير مبرّر، وخصوصاً أن الدعوة للتظاهر هي من أجل فلسطين ومناصرة غزة، وليست دعوة تتعلّق بعنوان خلافي داخلي». بينما رأى المسؤول الشبابي في الحزب الديموقراطي الشعبي، عاطف الإبريق، أن «ورقة التوت قد سقطت عن إدارات بعض المدارس وبعض الأجهزة الإدارية وغير الإدارية»، متسائلاً: «هل بات التضامن مع غزة يمثّل كل هذا القلق لدى أطراف سلطوية؟ وهل بتنا في نظام توتاليتاري يتبع قاعدة نحن أو لا أحد؟».