Strong>بلير في غزّة وأبو مرزوق يعود إليه لساعات... وطهران تدعو دمشق إلى المساعدة في الحوار الفلسطينيشهد اليومان الماضيان، حركة زيارات لافتة إلى غزة، كذلك زحمة مواقف غربية وفلسطينية، قد يرى البعض فيها إشارات سلبية تهدّد مصير المصالحة. توزيع المساعدات، واعتراف «حماس» بإسرائيل، وعودة الاعتقالات السياسية تبدو ألغاماً عشية مؤتمر شرم الشيخ

غزة ــ قيس صفدي
واشنطن ــ محمد سعيد
عشية انعقاد مؤتمر إعادة إعمار غزة في شرم الشيخ، وغداة التفاؤل الذي أشاعه تشكيل اللجان الخمس بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة، عاشت الساحة الفلسطينية أجواء حذر متشائم؛ فبدا أنّ واشنطن لا تنوي التساهل في ملف مفاوضات المصالحة الفلسطينية، وهو ما واكبه موقف متشدّد من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسط إصرار «حمساوي» على رفض أي شروط مسبقة تُفرض على الحركة. كل ذلك في الوقت الذي يتجدد فيه الحديث عن الاعتقالات السياسية بحقّ كوادر الحركة الإسلامية في الضفة الغربية المحتلة.
واتفق عباس، مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في رام الله، أول من أمس، على أن المساعدات التي ستقدم إلى غزة «يجب أن تمر عبر السلطة لا عبر حركة حماس». وشدّد على وجوب «أن تكون هناك آلية واحدة لهذه المساعدات، من خلال السلطة الوطنية، والتنفيذ عبر المنظمات الدولية».
ونفى سولانا وجود حاجة إلى آلية جديدة لتوزيع الأموال، «لأنّ الآلية الموجودة هي الأكثر فعالية لإيصال الأموال بسرعة» عن طريق السلطة الفلسطينية.
وكان عباس قد اشترط قبول «حماس» بحل الدولتين وبالالتزامات الموقّعة، قبل انضمامها إلى أي حكومة وحدة.
غير أنّ كلام عباس ووجه برفض سريع وردّ على لسان القيادي في الحركة الإسلامية، أيمن طه، الذي وصف تصريحات عباس بأنها «تقوّض فرص التوصل إلى حكومة وحدة بما أن حماس ترفض أي شروط مسبقة لتأليف حكومة الوحدة ولن تقبل بأي حكومة وحدة تعترف بإسرائيل».
وظهر توتّر آخر بين «فتح» و«حماس»، تحدّث عنه القيادي الآخر في الحركة الإسلامية في الضفة الغربية، رأفت ناصيف، عندما كشف عن أن «أمن السلطة اعتقل أكثر من 25 من أنصار حماس، إضافة إلى عشرات الاستدعاءات منذ انطلاق الحوار الفلسطيني ـــــ الفلسطيني في القاهرة».
ونقلت صحيفة «فلسطين»، التي تصدرها «حماس»، عن ناصيف وصفه هذه الاعتقالات بأنها مؤشر «غير إيجابي»، معرباً عن أمله في أن يجري حله سريعاً «خشية أن يؤدي استمرار هذا الوضع إلى تأثيرات سلبية على الحوار والوضع الفلسطيني الداخلي».
بدورها، كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون واضحة في تعقيد جهود المصالحة المبذولة بين الفصائل الفلسطينية. فقد رأت في مقابلة بثّتها إذاعة «فويس أوف أميركا»، التي تموّلها واشنطن، أنّ المصالحة «لن تشكل تقدماً ما لم ترض حماس بالشروط الدولية لعقد محادثات سلام مع إسرائيل، تفضي إلى حلّ على أساس الدولتين». وجزمت بأنّ الأموال الأميركية «لن تنفق إلا إذا كان واضحاً أن أهداف الولايات المتحدة لن تمسّ». حتى إن رئيسة الدبلوماسية الأميركية بدت غير راضية عن الجهود المصرية لإنجاز المصالحة؛ فقد أعربت عن حذرها من لقاء القاهرة الذي عُقد يوم الخميس الماضي. وبينما اعترفت بأنه «من المهم إتمام بعض المصالحة والتحرّك باتجاه توحيد السلطة»، عادت لتذكّر بأنّ «حماس تعرف شروط اللجنة الرباعية والمبادرة العربية للسلام».
وكان مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، قد جزم يوم الجمعة الماضي، بأنّ إدارة الرئيس باراك أوباما «لن تتعامل مع أي حكومة وحدة وطنية تشمل حماس».
وسارع القيادي في الحركة الإسلامية، إسماعيل رضوان، إلى رفض ربط كلينتون نجاح الحوار الفلسطيني باعتراف حركته بإسرائيل وشروط الرباعية. وردّ على كلينتون باعتبار حديثها «تدخلاً سافراً غير مقبول بالشؤون الداخلية الفلسطينية».
في المقابل، دعا نائب الرئيس الإيراني، برويز داوودي، سوريا إلى المساهمة في دعم المصالحة الفلسطينية، وإعادة إعمار غزة، و«معاقبة إسرائيل». وفي مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الحكومة السورية ناجي عطري في طهران أمس، قال داوودي «على دولتينا (إيران وسوريا) أن تكونا ناشطتين في مساعدة الفلسطينيين على الوحدة، وإعمار قطاعهم وإنزال العقاب بالقادة الصهاينة كمجرمي حرب».
وعلى صعيد الزيارات «التاريخية» إلى القطاع، لفتت عودة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، إلى مدينته للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً، حيث مكث نحو 15 ساعة لدى أقاربه في مخيم يبنا للاجئين في مدينة رفح الجنوبية، ليل الخميس ـــــ الجمعة، وفق تأكيد ابن شقيقة أبو مرزوق لـ«الأخبار». وأفادت معلومات من داخل غزة، بأن أبو مرزوق التقى خلال زيارته القصيرة قادة في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، المسؤولة عن احتجاز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. إلا أن هذه المعلومات لم تؤكَّد من مصادر رسمية أو تنظيمية.
غير أنّ صحيفة «يديعوت أحرونوت» علّقت على الزيارة بالكشف أنّ دخول أبو مرزوق إلى القطاع، حصل «بعدما منحت إسرائيل الضوء الأخضر لهذه الزيارة»، وهو ما يعطي «إشارةً إلى أن هناك تقدماً في ملف صفقة تبادل الأسرى».
وفي السياق، تفقّد مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، طوني بلير، في أول زيارة يقوم بها إلى القطاع منذ توليه رئاسة اللجنة الدولية قبل نحو عامين، المناطق التي تعرضت للتدمير خلال الحرب في شمال القطاع. وشدد على ضرورة «رفع الحصار فوراً عن القطاع وتزويده بكل البضائع التي يحتاجها»، من دون أن ينسى التأكيد على التزام اللجنة الرباعية بـ«حل الدولتين».
وفي إطار الزيارات الغربية إلى غزة، جال نائب مدير البنك الدولي، خوان جوزي دابوب، على عدد من المستشفيات والمناطق المدمرة، معرباً عن صدمته من هول الدمار الذي لحق بالقطاع، ومشيراً إلى أنّه «لا قيمة للمساعدات الدولية ما دامت إسرائيل تواصل إغلاق المعابر المؤدية إلى القطاع».