strong>هل يُحيي العراق آمال أوروبا الغربيّة بعمل أنبوب «نابوكو»؟ بعد الكثير من التعقيدات المتعلّقة بعدم وجود كميّات الغاز الكافيّة لخفض الاعتماد على الطاقة الروسيّة، تبيّن أنّ الحلّ يكمن في كردستان. فقد أنشأت شركتا طاقة إماراتيّتان كونسورتيوم مع شركتين أوروبيّتين لاستغلال غاز المنطقة العراقيّة وتزويد الأنبوب المنطلق من تركيا به
توصّلت الشركتان الإماراتيّتان، «Crescent Petrolium» و«Dana Gas» مع الشركة النمساويّة، «OMV»، والشركة المجريّة، MOL»، إلى اتفاق لإنشاء كونسورتيوم لضخّ كميّات كافية من الغاز من المنطقة العراقيّة التي تتمتّع بشبه استقلاليّة فدراليّة كردستان، بهدف تشغيل أنبوب الغاز الأوروبي «نابوكو». أهميّة هذا التطوّر تظهر بالنسبة إلى أوروبا الغربيّة. فدول تلك المنطقة الصناعيّة تلهث وراء الأنبوب لخفض اعتمادها على الغاز الروسي الذي كثيراً من الأحيان تحوّل إلى «سلاح سياسي» بنظر العواصم الأساسيّة في الاتحاد الأوروبي، يهدّد الأمن الطاقوي لملايين الأوروبيّين.
فالذي سيوفره «نابوكو» هو إمكان الالتفاف على خطوط التصدير الروسيّة التي توفر لأوروبا حالياً نحو 25 في المئة من احتياجاتها من الغاز. وخلال الفترة الأخيرة تعرّض مشروع بنائه التي تبلغ كلفته 10 مليارات دولار للعديد من العراقيل أهمّها عدم وجود كميّات كافية من هذه المادّة الطاقويّة الأساسيّة رغم وجود الاستثمارات.
وإضافة إلى الجوانب السياسيّة التي تحاول أوروبا احتواءها من خلال «نابوكو»، يبدو أنّ الكونسورتيوم سيرفع حدّة التوتّرات السياسيّة بين حكومة كردستان العراق والحكومة المركزيّة. ففي الفترة الأخيرة قال وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني، إنّ الاتفاقات التي يبرمها الإقليم مع الشركات الأجنبيّة هي غير قانونيّة. لكن الحكومة الكرديّة تصرّ على شرعيّة إنشاء الكونسورتيوم. وفي هذا السياق أيضاً يقول المدير التنفيذي لـ«Crescent» بدر جفر، بحسب «رويترز»: «نحن مقتنعون جداً بقانونيّة استثماراتنا ومشاريعنا وأخلاقيّتها وصحّتها في إقليم كردستان وهي ستوفر المنافع والعائدات إلى العراق بأجمعه.
وستستخرج الشركات الإماراتيّة والأوروبيّة الغاز من حقلَي «خور مور» و«شمشمال» في المنطقة الكرديّة الواقعة في شمال العراق. ووفقاً لما تنقله وكالة «Associated Press» عن جفر، فإنّ الشركتين الإماراتيّتين تنتجان حالياً 90 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز في حقل «خور مور». ويتوقّع أن يرتفع الإنتاج إلى 3 مليارات قدم مكعب بحلول عام 2014.
وبحسب حسابات جفر ستتراوح حاجات منطقة كردستان بين 350 مليون برميل و500 مليون برميل يومياً، كما ستحتاج تركيا إلى حوالى مليار برميل يومياً، ما يعني أنّ الكونسورتيوم سيوفر نحو نصف الكميّة التي ستمرّ في الأنبوب أو حتّى أكثر عندما تكتمل عمليّات الضخّ والبناء كلياً.
وتنقل وكالة «رويترز» عن مصدر مقرّب من المحادثات قوله إنّ نصف إنتاج الغاز في كردستان سيضخّ في «نابوكو»، مشدّداً على أنّ هذا سيمثّل «المصدر الأساس» للأنبوب و«هذا يكفي» لتشغيله.
ومن المفترض أن ينقل «نابوكو» 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز بحلول عام 2015، وهي المرحلة الأولى، على اعتبار أنّ الكميّة الإجماليّة سترتفع إلى 3 مليارات قدم مكعب يومياً.
وستدفع «OMV» 350 مليون دولار في مقابل حصّتها في الاتفاق، كذلك ستحصل كلّ من الشركتين الإماراتيّتين على حصّة تبلغ 3 في المئة في «MOL» التي تملك مثلها مثل الشركة النمساويّة نسبة تبلغ 16.7 في المئة من مشروع الأنبوب إضافة إلى الشركة البلغاريّة «Bulgargas» والرومانيّة «Transgas» والتركيّة «BOTAS» والألمانيّة «RWE».
ونقلت «رويترز» عن نائب رئيس قسم التنقيب والإنتاج في «MOL»، زولتان ألدوت، قوله إنّ «المشروع يقوّي إمكانات إنشاء نابوكو الذي يهدف إلى توفير إمدادات الغاز إلى أوروبا».
ويمثّل الاتفاق الجديد ردّاً على المخطّطات الروسيّة التي تهدف إلى إبقاء الدولة الشيوعيّة المزوّد الأساسي للغاز في القارّة العجوز. فالإعلان عن الكونسورتيوم يأتي بعد يومين من إبرام شركة الغاز الروسيّة، «Gazprom» وشركات من إيطاليا وبلغاريا وصربيا واليونان اتفاقيّات عديدة للمضي قدماً في بناء أنبوب «Southstream» الذي يعدّ منافساً أساسياً لـ«نابوكو». فهو سينقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود في طريق يتجنّب أوكرانيا، التي أثارت خلافاتها مع موسكو في شأن الأسعار خلال السنوات الماضية شهيّة بلدان أوروبيّة أخرى تتمتّع بخاصيّة خطوط النقل ذات الجدوى الاقتصاديّة.
وتقنياً سينقل «نابوكو»، الذي يبلغ طوله 3300 كيلومتر، النفط من تركيا إلى النمسا مروراً ببلغاريا ورومانيا والمجر. ومن المتوقّع أن تبدأ عمليّات إنشائه في عام 2011 على أن يبدأ النقل الأوّلي في عام 2014. وبحلول عام 2020، سيتمكّن الأنبوب من نقل الغاز من آسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى أوروبا، وقد يتمكّن من نقل الغاز الإيراني.
(الأخبار)


مصالح استراتيجيّة

وصف رئيس كونسورتيوم إنتاج الغاز من كردستان العراق، راينهارد ميتشك، في حديث لوكالة «رويترز»، الخطّة بأنها «تطور مهم وواعد للحصول على كمية هائلة من الغاز الطبيعي لتركيا وأوروبا عن طريق نابوكو»، مشيراً إلى أنّ الجدول الزمني لخط الأنابيب لم يتغير، إذ من المتوقع نقل أول كمية من الغاز في 2014. وهنا تظهر مصالح أوروبا التي ترى الوقت ينفد بالنسبة إلى استغلال غاز بحر قزوين، كذلك تظهر مصالح تركيا التي ترغب بالحصول على عضويّة الاتحاد الأوروبي بعد تحوّلها إلى بلد تعتمد عليه القارّة العجوز مكان أوكرانيا.