مقالات مرتبطة
على خطّ موازٍ، استقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، مطلع الأسبوع، معاون وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر حاجي، الذي سيحضر اجتماعات أستانا، ممثّلاً بلاده. وخلال اللقاء، دعا الأسد إلى وضع «استراتيجية مشتركة»، تحدّد، بحسبه، «الأسس والعناوين والأهداف التي تُبنى عليها المفاوضات القادمة، سواء كانت بخصوص الانسحاب التركي من الأراضي السورية، أو مكافحة الإرهاب، أو غيرها من القضايا. كما تضع إطاراً زمنياً وآليات تنفيذ لهذه العناوين بالتعاون مع الجانبين الروسي والإيراني». وذكرت الرئاسة السورية أن الأسد «شدّد على أهمية التنسيق في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلّق باجتماعات الرباعية ومسار أستانا».
تبدو طاولة النقاش المرتقب في أستانا معقّدة كما الميدان
في الميدان، تتوسّع حملة القصف التركية على مواقع تابعة لـ«قسد» في ريف حلب الشمالي، بعدما استهدفت الأخيرة بالقذائف الصاروخية موقعاً تركياً في جبرين في ريف حلب، ومخفراً للشرطة في كليس جنوبي تركيا، ردّاً على اغتيال الجيش التركي عناصر من «قسد» كانوا في سيارتهم في بلدة أحداث، الأسبوع الفائت. ولم تقتصر الحملة التركية العنيفة على استهداف مواقع «قسد» فقط، بل امتدّت لتطاول مواقع يشغلها الجيش السوري في ريف حلب الشمالي، ما أدّى، في حصيلة غير نهائية حتى يوم أمس، إلى مقتل 4 عناصر من الجيش وإصابة آخرين. وتحاجّ أنقرة بأن هذه المواقع عبارة عن «نقاط مشتركة بين الجيش السوري وقسد»، بحسب ما تنقله مصادر مطّلعة على اتصالات روسية ــــ تركية جرت خلال الأيام القليلة الفائتة لتهدئة الأوضاع، وتكثّفت خصوصاً بعدما قُتل جندي روسي، وأُصيب آخرون، جرّاء سقوط قذيفة مدفعية على آلية عسكرية روسية كانت ضمن دورية على الطريق الواصل بين قريتي أم حوش وحربل في ريف حلب الشمالي، في مهمّة «فصل» بين المتراشقين بالقذائف. وفي المقابل، استهدف الجيش السوري، بالمدفعية، محيط القاعدة التركية في قرية مجارز، ومحيط نقاط تركية عسكرية في قرية آفس في ريف إدلب.
بعد نحو أسبوع، سينتقل نوّاب وزراء الخارجية في «الرباعية» إلى أستانا لعقد اجتماعاتهم. وكما في الميدان، حيث المشهد يبدو معقّداً ومتشابكاً، وتَظهر 3 أطراف من أصل 4، منخرطة فيه، كذلك تبدو طاولة النقاش المرتقب في العاصمة الكازاخستانية. وتدرك الأطراف الأربعة أن المسار لا يزال في بدايته، وأنه لم يَعُد، على أهمّيته، شديد الإلحاح بالنسبة إلى طرفيه الأساسيين، دمشق وأنقرة، بعدما وجدت الأولى نفسها مجدداً في «أحضان» الدول العربية، فيما تجاوزت الأخيرة «قطوع» الانتخابات، بفوز حاسم لإردوغان وتحالفه. وبهذا، زالت عدّة عوامل ضغط على كلا الجانبين، كانت إلى ما قبل مدّة وجيزة تدفعهما قُدماً نحو المفاوضات. لكن، في المقابل، تَظهر موسكو وطهران، اليوم، أكثر إصراراً على تحقيق اتفاق، ولو كان «خارطة طريق»، قد تطول مُهلها الزمنية، إلا أنها تزيل عن كاهل الروس عبئاً لا يزال يكبر يوماً بعد آخر، متمثّلاً في مهمة مستمرّة من «الفصل» بين السوريين والأتراك ميدانياً وسياسياً، فيما تتسلّح بها طهران أيضاً لتشكيل «تحالف» ضاغط على الأميركيين في شرق الفرات، ومن ثم دفعهم إلى الانسحاب، بالاستناد إلى اتفاق سوري - تركي يمكن أن تنخرط فيه «قسد»، أو تكون أبرز «ضحاياه».