دمشق | انشغل السوريون، في اليومين الماضيين، بقرار رفع سعر ربطة الخبز بنسبة 100%، ليتمّ في خلال ذلك إمرار قرار يكاد يكون أشدّ وطأة عليهم، وهو خفض وزن الربطة الواحدة من 1300 غرام إلى 1100 غرام. قبل ذلك، كانت مديرية التموين التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بحسب شكاوى الكثير من المواطنين، غائبة عن مراقبة سرقة الطحين وتخفيض وزن الربطة من قِبَل معظم الأفران، حيث دائماً ما بيعت الربطة بنقص واضح عن الرقم الوزاري المحدّد: 1300 غرام. أما اليوم، ومع التخفيض الرسمي للوزن إلى 1100 غرام، فإن الأفران لن ترتدع عن تطبيق خفض إضافي، وهذا ما حصل مباشرة بعيد بدء تنفيذ القرار.وفي أعقاب بيان وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والذي أرجع تعديل أسعار الطحين المدعوم والخبز إلى "الظروف الصعبة والحصار المفروض على سوريا من قِبَل الولايات المتحدة وشركائها وما يُسبّبه من صعوبات في توفير المواد الأساسية للمواطن السوري"، أعلن وزير المالية، كنان ياغي، أمس في مجلس الشعب، أن "دعم الدقيق التمويني ارتفع إلى 700 مليار ليرة سورية في الموازنة المقبلة، بعدما كان 337 مليار ليرة سورية في موازنة العام الحالي". وبيّن ياغي أن من "أسباب زيادة عجز الدقيق التمويني ارتفاع سعر شراء القمح المسلَّم من الفلّاحين، وارتفاع سعر صرف الدولار في المصرف المركزي من 435 ليرة سورية إلى 1250 ليرة سورية، فضلاً عن ارتفاع كلفة إنتاج الخميرة لدى معمل الخميرة في حمص".
بيد أن أسباب أزمة الخبز تتخطّى، على ما يبدو، المُعلَن حكومياً؛ إذ علمت "الأخبار"، من مصادر مطلعة، أن من المشاكل التي تعترض تأمين الطحين "تأخّر نقل المحصول المتوافر من القمح من محافظة الحسكة شمال شرق سوريا إلى بقية المدن، والذي أدّى إلى تلف ما يعادل نصف المخزون على الأقلّ". وهو ما تصفه المصادر بأنه "تخريب متعمَّد ليصار إلى بيع المحاصيل كحنطة علفية بنصف ثمنها"، مُتّهمة في ذلك "دائرة من الموظفين والفاسدين، تبدأ من الحسكة، وتصبّ في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق". من جهته، يتحدّث مصدر مطّلع آخر، لـ"الأخبار"، عن "وجود هدر كبير في فرع القامشلي للحبوب، تُقدَّر كميته بآلاف الأطنان من القمح، بفعل الإهمال وسوء عمليات الشحن"، عازياً الأمر إلى "إهمال رئاسة الفرع والرقابة الداخلية، لتظلّ الأقماح حتى اللحظة متناثرة على الأرض في المخازن وعلى الطرقات الواصلة بينها، كما يجري تحضيرها لتباع أيضاً كعلف حيواني، ما سيشكّل خسارة إضافية".
من جهة أخرى، فإن مطاحن دمشق وريفها كانت قد خضعت لصيانة كلّفت خزينة الدولة مبالغ طائلة، لكن المفارقة أن الطاقة الإنتاجية هبطت ــــ مع انتهاء عمليات الصيانة ــــ إلى أكثر من النصف، من 2600 طن إلى 1200 طن، ما يثير شكوكاً في ما إذا كانت الصيانة وهمية. على أن "المشكلة لا تقتصر على دمشق أو المناطق الشرقية" كما تقول مصادر مطّلعة، إذ إن "مطاحن حلب الخاصة مثلاً تقوم بتبديل القمح المدعوم بآخر مهرّب ونوعيته رديئة، وهذا ما يفسر تمكّنها من طحن طن القمح بمبلغ 4 آلاف ليرة سورية، علماً بأن كلفة الطحن تتجاوز مبلغ 7 آلاف ليرة سورية"، بحسب المصادر نفسها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا