تسبّب فيروس كورونا المستجدّ بفوضى في روزنامة الأحداث الرياضية حول العالم، مؤدّياً إلى شللٍ شبه كامل في مختلف الأنشطة والبطولات. ووضع الوباء لاعبي كرة القدم في مواجهة واقع غير مألوف في فترة من الموسم عادة ما يكون جدولها مزدحماً، لا سيما مع اقتراب البطولات والمسابقات من مراحلها الأخيرة الحاسمة.
لم تقتصر تداعيات تفشّي الفيروس على إغلاق ملاعب كرة القدم منعاً للتجمعات البشرية، لا سيما في الدول الأوروبية، بل تسببّ بإغلاق صالات التدريب أيضاً. هذا الأمر شكّل معضلة أمام الأندية التي باتت عاجزة عن استكمال تدريبات لاعبيها، خلال فترة تعليق أغلب الدوريات وإيقاف المسابقات.

في العادة، يزدحم شهرا نيسان/ أبريل وأيار/ مايو بالمباريات الأكثر حسماً وأهمية في الموسم. ولأنّ هذه المباريات سيتم استئنافها عاجلاً أم آجلاً، يحتاج اللاعبون إلى تعزيز لياقتهم وجاهزيتهم خلال فترة الابتعاد عن الملاعب. الحفاظ على المستوى البدني للاعبين خلال فترة العزل الصحي بات يشكّل تحدّياً للأندية، وهو ما استدعى ابتكار وسائل جديدة للحفاظ على التواصل مع اللاعبين وأساليب مختلفة لمتابعة تمارينهم عن بُعد.

بطبيعة الحال، تمّ التخلّص من جداول التدريب المخطّط لها والتي كان من المفترض اعتمادها في الوقت الحالي، واستُبدلت ببرامج لياقة فردية خاصّة يتم اتّباعها عن بعد. هكذا، أصبحت التمارين الفردية تشكّل محوراً أساسياً لنشاطات اللاعبين في منازلهم، إذ يخضع لاعبو برشلونة في المنزل لبرنامج تدريب رياضي محدد وخاصّ بكلٍّ منهم، وضعَه الجهاز الفني للفريق، ويقوم بمراقبته عن بعد باستخدام أجهزة قياس بيومترية.

كما أنّ هذا الأمر يستوجب طبعاً إجراء تعديلات على الأنظمة الغذائية للاعبين، بسبب تغيّر أسلوب ونمط التدريب داخل المنزل، عن ذلك الخاصّ بمقرّ تدريب أو ملعب النادي. وفي هذا السياق، اتخذ الجهاز الطبي لنادي ريال مدريد تدابير صارمة على لاعبيه، كالرقابة على وضعيتهم الغذائية، بالإضافة إلى إجراء تحاليل الدم وقياس نسبة الدهون في أجسادهم.

وفي ما يخصّ البرامج التدريبية، تستخدم معظم الأندية تطبيقات مصمّمة خصيصاً للتواصل مع اللاعبين ومراقبة تدريبهم عن بُعد. يتمّ تحديد برنامج تدريب خاص بكل لاعب واحتياجاته، بالاعتماد على مركزه في تشكيلة الفريق وتاريخ إصاباته. تقدّم هذه التطبيقات معلومات تفصيلية للمسؤولين عن لياقة اللاعبين حول الوضع البدني للاعب وكيفية تعافي جسمه من جلسة تدريب اليوم السابق، ومقدار الحمل الذي يمكن تطبيقه على جلسات التدريب في اليوم التالي.

إلا أنّ كل برنامج تدريبي يختلف باختلاف المعدّات المتوفّرة في منزل كل لاعب. يمتلك العديد من نجوم الصف الأول صالات رياضية مجهزة تجهيزاً كاملاً في منازلهم، أمثال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ما يعني أنه بإمكانهم الحفاظ على لياقتهم البدنية بشكل أفضل من غيرهم، عبر الحصول على برنامج تدريبي أشمل من الآخرين. وهذا الأمر يشكّل تحديّاً كبيراً للأندية بسبب صعوبة توحيد أسلوب التدريب لدى لاعبيها، مع اختلاف المعدّات والتجهيزات الرياضية في منازلهم.

ورغم أنّ الأندية تفعل ما في وسعها لتصميم برامج تدريب فعّالة للاعبيها خلال فترة العزل، إلا أنّه لا يمكن تجاهل حقيقة أنه لا يوجد بديل للتدريب على الملعب العشبي. أندية مثل بايرن ميونيخ قامت بتدريبات افتراضية مع لاعبيها عبر تقنية الفيديو، مع مدرّب موجود في مقرّ تدريب النادي. لكن هذا ليس كافياً، بالنظر إلى أنّ كرة القدم هي رياضة جري متقطع، فالتمرين الميداني ضروري للحفاظ على مستويات اللياقة البدنية.

لذا، ورغم وجود برامج تدريب مخصصة بشكل فردي للاعبين، إلا أنّ مستوى لياقتهم وقوّتهم البدنية سينخفض أثناء فترة عزلهم. كلّما طال تعليق البطولات واستمرّ التأجيل، كلّما تراجع استعداد اللاعبين للعودة إلى اللّعب. في حال استئناف البطولات لاحقاً، سيكون هناك تراجع وتباين واضح في المستوى الفني للفرق كافة.